ومن جديدٍ ، أسدل الإيمانُ الستائرَ ، سدّ حتى المنافذ الصغيرة ، ثمّ أغلق البابَ وراءه ، وهو يديرُ المفتاحَ في القفلِ مرّتين ، متأكداً أن أحداً لن يقدرَ أن يدخلَ الغرفةَ غيره ، أو يسترقَ السمعَ و النظرَ ، كما أن ابنتَه السجينةَ ، لن تستطيعَ الخروجَ إلا بإذنه وإرادته .
” هكذا لن تتسللَ الغوايةُ إلى بيتي ، وستكون حبيبتي الصغيرةُ في مأمنٍ ، بعيدةً عن أبالسةِ البشر وشياطينهم ” حدّث نفسه وهو يغادرُ تلفّه الطمأنينةُ الواهمةُ .
وتمتم في محبةٍ و حنانٍ وهو يمسحُ دمعتين اغرورقتْ بهما عيناه : “آآآآه لو تدرين كم أحبكِ يا صغيرتي” .
غرقتْ الفتاة في بحر الصمتِ والذهولِ ، تأمّلتْ عتمةَ الجدران ، تنشّقتْ رطوبةَ الزوايا ، تلمستْ فراغَ السرير ، حزنتْ على شبابها الغضّ يذبلُ في الصقيعِ ، في انتظار الذي قد يأتي وقد لا يأتي ، من قد ينقذها من الأسر أو يضع قيداً آخرَ حول عنقها .
واستسلمتْ لتداعياتِ الذاكرة في ضعفٍ وسكون ، فإذا بها الطفلةُ البريئةُ المدللة ، تلهو ما طابَ لها ، تغريها الروابي والسهوبُ فتجري إليها ، بلا رقيبٍ ولا حسيبٍ ، بلا عينٍ راصدةٍ ، وسبابةٍ تتوعد بألف لا .
ليتها لم تكبرْ ، ليت أنوثتها لم تضجّ فيها ، لتعلنَ عن نفسها بصدرٍ تكوّر ، ووجه كالبدر تدوّر ، وثغرٍ عذبٍ عن بسمةٍ أعذب افترّ .
لم تكن تعلم أن الأنوثةَ ستكون نقمةً لا نعمة ، و أن صوتها ككلّ جوارحها سيكونُ عورةً يتوجبُ عليها إخفاؤها .
ولا كانت تعلم أن الأبوةَ والأمومةَ خوفٌ وحصارٌ وملكيةٌ وتبعيّةٌ عمياء .
ولا كانت تعلم أن المحبةَ عتمةٌ ، وأبوابٌ موصدةٌ ، وأوامر ونواهٍ لا تنتهي .
وكيف تعلم كلّ ذاك ، وهي التي حلّقت لسنين في سماءِ محبة جبران اللا متناهية : “أولادكم ليسوا لكم … أولادكم أبناء الحياة” .
حاولت أن ترسمَ لله ، نورُ السماوات والأرض ، صورةً تشبه أبيها ، فلم تقدرْ ، ونفرتْ كلّ جوارحِها وعاداها الخيالُ والتّصورُ ، فمحالٌ أن يمثّل الإلهُ كخليفةٍ على الأرض ، بصورةٍ بائسةٍ كهذه .
الله رحمةٌ وخيرٌ وجمالٌ وحريّةٌ ، وحاشا لله أن يخنقنا بركامِ التصوراتِ الضيّقة ، أو بغبار الأفكارِ المنحرفةِ عن قيّومتها .
“وإذا كان هذا هو الصراط المستقيم ، فإني أوّلُ كافرٍ به يا أبتاه” قالها قلبها في تحدّ سافرٍ وبصوت أنثويٍّ إنسانيٍّ يحاول أن يتحدى ، فتتلجلجُ نبرتُه وينكفئُ من جديد على ذاته ، ليختنقَ في حنجرةٍ اعتادتْ الصمت .
أشفقتْ على أبيها ، من هذا الكمّ الهائلِ من الأفكار يحملُه فينوءُ بحمله ، ورثتْ لحاله وهي تراه أشدّ أسراً منها ، رهينَ ما تعلّمه وتربى عليه ، وها إيمانُه الراسخُ بمعتقداته يجعله لا يرى أيةَ صورة أو فكرة بديلة . كما أن قناعاتِه ليست وليدةَ يومٍ وليلةٍ ، بل هي نتاج سنوات طوال ، وحصيلة موروثٍ وتربيةٍ ، تأصّلت جذورُها في نفسه ، والتخلّي عن أيّ منها ، يعني بالمقابلِ أن تتزلزلَ الأرضُ تحته ، ويفقد صلابتَها الداعمة .
ثمّ أنه لا يفهم كما يردد على مسمعها كلّ وقت ، كيف تشقّ السفينة عباب البحر بلا قبطان ، أو كيف يرتفع بيتٌ بلا عماد ، فعجباً لجيل فاسدٍ متمرّد ، ينطلقُ كفرسٍ حرونٍ بلا ضابطٍ أو قانون !!
وعجباً لنساءٍ أخذن مواقع الرجال ، تحت اسم المساواة والحريّة ، وضربن عرضَ الحائط بما جاء في القرآن من قوامةِ الرجالِ على النساءِ ، وأنّ لهم عليهنّ درجة ، ومن ينكر ما جاء في القرآن إلا القوم الكافرين ؟؟
كم تمنت لو تحاوره ، أو توصلُ إليه نداءَ أعماقها وفطرتَها الصادقة ، علّها تفكّ بعضَ خيوط شرنقته ، فيحرّرها بدوره ، ويطلقها للحياة بثقةٍ ومحبةٍ . لتخوضَ غمار تجربتِها بنفسها ، وتخرجُ بنتائج تعزّز ثقتها بالله والحياة والآخر .
لكنه ما كان ليسمعَ إلا صوتَ الخوف عليها ، ولا يرى إلا الشرَّ متربصاً ليفتكَ بها ، كمخلوقٍ ضعيفٍ في غابةٍ للذئاب .
لو أنه يصغي مرّة واحدة إليها ، لعلّمته – وهي الصغيرة – ما لم يعلم .
لهمستْ له : لو تلقي السمعَ إلى قلبك بدل عقلك لقصّ عليك أحسنَ القصص ، مادام القلبُ مهبطَ الوحيِ وعرشَ الله .
لقالت له : كيف يرى الجميلُ كلّ الوجود جميلا .
وكيف الشرّ يجذبُ إليه مثيله ، كذلك يفعل الخير ، ما دامت “الأرواح جنودٌ مجنّدة ما تشابه منها ائتلف وما تنافر اختلف” ، وكيف يقومُ الوجود على ثنائية الخير والشرّ ، يمارسان رقصةَ الجذبِ والتحوّل منذ الأزلِ وإلى الأبدِ ، ولا قيام للوجودِ بدونهما .
فكأنهما الدمُ النقيّ والدمُ القاتمُ يضخهما القلبُ ، ليتحولا من حالٍ لحال ، ما دام الشيطانُ يجري في العروق ، وما دام الرحمنُ أقرب من حبل الوريد .
لقصّت عليه قصةَ حواء ، الكينونةِ المستقلّة ، لا التّابعةِ ، ” ناقصة العقل والحظّ والدين ” ، كما راق للمفسرين أن يفسروا قول علي عليه السلام لصالحهم لا لصالح المرأة .
فما نقص عقلها بمنقصة لها بل ميزة ، لأن العقول إن كان لها وظيفة التدبّر وتعقل الحضور الوجودي الظاهري للإنسان في الحياة ، فإنّ القلبَ هو الميزة الإنسانية العظمى بالنسبة إلى الله وهو محل كمال الإنسان ، كما جاء في كلّ الكتب السماويّة. ثمّ إن المرأةَ لا تحتاجُ إلى ذلك الكمّ العقلي كما يحتاجه الرجل لاعتباراتٍ معروفة ، لكنها تحتاج إلى كمّ قلبي ودفقٍ روحيّ أعظم من الرجل لاعتبارات أمومتها !!! ولذا وهنا فعلاً يصبح نقصان عقلها ميزة لها ، لأنه عنوانٌ لكمالِ قلبها ودقة إحساسها ومشاعرها المعنوية والتي تجعل الجنة تحت أقدامها.
وأما نقصانُ حظها ، فكذلك لعدم حاجتها للعبِ دور الرجل في الخدمة الظاهرية التي حمّلته أعباءً وهموما وواجباتٍ ارتأى الله جل وعلا أن يجعل حظه (الظاهري المادي) أعظم منها ، لكي يقوم بالتالي بخدمتها هي فعلاً وهذه ميزة أخرى لها!!
وأما نقصان إيمانها ، فلقوة ارتباطها المعنوي بالله باعتبارِ أن الإيمانَ هو الوصلة ما بين الإنسان والله ، بينما هي متحققة فعلاً فيما لم يتحقق به الرجل من صلة مع الله ، وهي ميزة(ملائكية) أخرى أعظم.
وفي شتّى حالات نقصها تلك ، ستفيض محبةً ورحمةً ،حياةً واحتواءً ، على أسرتها ومجتمعها .. لأنها أمٌّ وإن لم تفعّلْ أمومتَها بالإنجاب .
وبالتالي فإن قوامةَ الرجلِ على المرأةِ ، لا تعني حتماً سلطةَ القهرِ والخوفِ أو السيطرةِ والأسر ، كما سعى العقلُ الذكوريّ الجمعيّ لتعزيزه عبر تاريخ طويل ، حتى عند المرأة نفسها ، بربوبيّة مطلقة للبيت بكلّ ما فيه ومن فيه ، بل تعني أن يأخذ كلّ منهما مكانَه الحق ، ودورَه الحق ، لتساويهما أمام الله في الحقوق والواجبات . فقوامتُه حتميّة بحسب ما يقتضي دورُه الدنيوي الظاهري ، الذي قدّره الله له ، وطاعتُها له أيضاً حتميّة ، إنما على منهاجِ المحبةِ والرحمةِ والتكاملِ، لا القسرِ والقهر .
وحينها ربما تصل وصيّة تلك الأعرابية لابنتها ليلة ودّعتها وسلّمتها لزوجها من بين وصاياها العشر : ” كوني له أمةً .. يكن لك عبداً .. والله يتخيّر لك ” .. وحينها سيعود الضلعُ القاصر بالمحبة – ولا سبيل سواها – إلى صدرالرجل طواعية ورضىً ، لتحقيق الكينونة الواحدة التي شاءها الله ، وأرادا مشيئته .
ابتسمتْ ساخرةً من أملٍ يبدو مستحيلا ، ثمّ تهاوتْ على السريرِ منهكةً ، لتدخلَ متاهةَ الهروبِ من جديدٍ ، كما تدعو النومَ أو الموتَ المؤقّت .
وفي الحلمِ ……………
ومن الغيبِ الشاهد ، أطلّ الفارسُ الجميلُ الغامضُ كعادته كلّ ليلة ، مسربلاً بالوعدِ والفرحِ ، عانقها بلهفةِ عاشقٍ متيّمٍ ، فاستسلمتْ لدفءِ ذراعيه حيثُ الأمان من جحيمِ فكرِ البشر المستعر ، حيثُ جنّة الله التي لا يهدرُ فيها صوتُ الربّ مجلجلاً متوعداً :
“عليكِ الرجم أيتها الزانية ”
رغم أنّ “الأعمالَ بالنيّاتِ ولكلّ إنسانٍ ما نوى” ، كما يقولون ولا يفقهون …………….
********************************
ثناء طه درويش
” هكذا لن تتسللَ الغوايةُ إلى بيتي ، وستكون حبيبتي الصغيرةُ في مأمنٍ ، بعيدةً عن أبالسةِ البشر وشياطينهم ” حدّث نفسه وهو يغادرُ تلفّه الطمأنينةُ الواهمةُ .
وتمتم في محبةٍ و حنانٍ وهو يمسحُ دمعتين اغرورقتْ بهما عيناه : “آآآآه لو تدرين كم أحبكِ يا صغيرتي” .
غرقتْ الفتاة في بحر الصمتِ والذهولِ ، تأمّلتْ عتمةَ الجدران ، تنشّقتْ رطوبةَ الزوايا ، تلمستْ فراغَ السرير ، حزنتْ على شبابها الغضّ يذبلُ في الصقيعِ ، في انتظار الذي قد يأتي وقد لا يأتي ، من قد ينقذها من الأسر أو يضع قيداً آخرَ حول عنقها .
واستسلمتْ لتداعياتِ الذاكرة في ضعفٍ وسكون ، فإذا بها الطفلةُ البريئةُ المدللة ، تلهو ما طابَ لها ، تغريها الروابي والسهوبُ فتجري إليها ، بلا رقيبٍ ولا حسيبٍ ، بلا عينٍ راصدةٍ ، وسبابةٍ تتوعد بألف لا .
ليتها لم تكبرْ ، ليت أنوثتها لم تضجّ فيها ، لتعلنَ عن نفسها بصدرٍ تكوّر ، ووجه كالبدر تدوّر ، وثغرٍ عذبٍ عن بسمةٍ أعذب افترّ .
لم تكن تعلم أن الأنوثةَ ستكون نقمةً لا نعمة ، و أن صوتها ككلّ جوارحها سيكونُ عورةً يتوجبُ عليها إخفاؤها .
ولا كانت تعلم أن الأبوةَ والأمومةَ خوفٌ وحصارٌ وملكيةٌ وتبعيّةٌ عمياء .
ولا كانت تعلم أن المحبةَ عتمةٌ ، وأبوابٌ موصدةٌ ، وأوامر ونواهٍ لا تنتهي .
وكيف تعلم كلّ ذاك ، وهي التي حلّقت لسنين في سماءِ محبة جبران اللا متناهية : “أولادكم ليسوا لكم … أولادكم أبناء الحياة” .
حاولت أن ترسمَ لله ، نورُ السماوات والأرض ، صورةً تشبه أبيها ، فلم تقدرْ ، ونفرتْ كلّ جوارحِها وعاداها الخيالُ والتّصورُ ، فمحالٌ أن يمثّل الإلهُ كخليفةٍ على الأرض ، بصورةٍ بائسةٍ كهذه .
الله رحمةٌ وخيرٌ وجمالٌ وحريّةٌ ، وحاشا لله أن يخنقنا بركامِ التصوراتِ الضيّقة ، أو بغبار الأفكارِ المنحرفةِ عن قيّومتها .
“وإذا كان هذا هو الصراط المستقيم ، فإني أوّلُ كافرٍ به يا أبتاه” قالها قلبها في تحدّ سافرٍ وبصوت أنثويٍّ إنسانيٍّ يحاول أن يتحدى ، فتتلجلجُ نبرتُه وينكفئُ من جديد على ذاته ، ليختنقَ في حنجرةٍ اعتادتْ الصمت .
أشفقتْ على أبيها ، من هذا الكمّ الهائلِ من الأفكار يحملُه فينوءُ بحمله ، ورثتْ لحاله وهي تراه أشدّ أسراً منها ، رهينَ ما تعلّمه وتربى عليه ، وها إيمانُه الراسخُ بمعتقداته يجعله لا يرى أيةَ صورة أو فكرة بديلة . كما أن قناعاتِه ليست وليدةَ يومٍ وليلةٍ ، بل هي نتاج سنوات طوال ، وحصيلة موروثٍ وتربيةٍ ، تأصّلت جذورُها في نفسه ، والتخلّي عن أيّ منها ، يعني بالمقابلِ أن تتزلزلَ الأرضُ تحته ، ويفقد صلابتَها الداعمة .
ثمّ أنه لا يفهم كما يردد على مسمعها كلّ وقت ، كيف تشقّ السفينة عباب البحر بلا قبطان ، أو كيف يرتفع بيتٌ بلا عماد ، فعجباً لجيل فاسدٍ متمرّد ، ينطلقُ كفرسٍ حرونٍ بلا ضابطٍ أو قانون !!
وعجباً لنساءٍ أخذن مواقع الرجال ، تحت اسم المساواة والحريّة ، وضربن عرضَ الحائط بما جاء في القرآن من قوامةِ الرجالِ على النساءِ ، وأنّ لهم عليهنّ درجة ، ومن ينكر ما جاء في القرآن إلا القوم الكافرين ؟؟
كم تمنت لو تحاوره ، أو توصلُ إليه نداءَ أعماقها وفطرتَها الصادقة ، علّها تفكّ بعضَ خيوط شرنقته ، فيحرّرها بدوره ، ويطلقها للحياة بثقةٍ ومحبةٍ . لتخوضَ غمار تجربتِها بنفسها ، وتخرجُ بنتائج تعزّز ثقتها بالله والحياة والآخر .
لكنه ما كان ليسمعَ إلا صوتَ الخوف عليها ، ولا يرى إلا الشرَّ متربصاً ليفتكَ بها ، كمخلوقٍ ضعيفٍ في غابةٍ للذئاب .
لو أنه يصغي مرّة واحدة إليها ، لعلّمته – وهي الصغيرة – ما لم يعلم .
لهمستْ له : لو تلقي السمعَ إلى قلبك بدل عقلك لقصّ عليك أحسنَ القصص ، مادام القلبُ مهبطَ الوحيِ وعرشَ الله .
لقالت له : كيف يرى الجميلُ كلّ الوجود جميلا .
وكيف الشرّ يجذبُ إليه مثيله ، كذلك يفعل الخير ، ما دامت “الأرواح جنودٌ مجنّدة ما تشابه منها ائتلف وما تنافر اختلف” ، وكيف يقومُ الوجود على ثنائية الخير والشرّ ، يمارسان رقصةَ الجذبِ والتحوّل منذ الأزلِ وإلى الأبدِ ، ولا قيام للوجودِ بدونهما .
فكأنهما الدمُ النقيّ والدمُ القاتمُ يضخهما القلبُ ، ليتحولا من حالٍ لحال ، ما دام الشيطانُ يجري في العروق ، وما دام الرحمنُ أقرب من حبل الوريد .
لقصّت عليه قصةَ حواء ، الكينونةِ المستقلّة ، لا التّابعةِ ، ” ناقصة العقل والحظّ والدين ” ، كما راق للمفسرين أن يفسروا قول علي عليه السلام لصالحهم لا لصالح المرأة .
فما نقص عقلها بمنقصة لها بل ميزة ، لأن العقول إن كان لها وظيفة التدبّر وتعقل الحضور الوجودي الظاهري للإنسان في الحياة ، فإنّ القلبَ هو الميزة الإنسانية العظمى بالنسبة إلى الله وهو محل كمال الإنسان ، كما جاء في كلّ الكتب السماويّة. ثمّ إن المرأةَ لا تحتاجُ إلى ذلك الكمّ العقلي كما يحتاجه الرجل لاعتباراتٍ معروفة ، لكنها تحتاج إلى كمّ قلبي ودفقٍ روحيّ أعظم من الرجل لاعتبارات أمومتها !!! ولذا وهنا فعلاً يصبح نقصان عقلها ميزة لها ، لأنه عنوانٌ لكمالِ قلبها ودقة إحساسها ومشاعرها المعنوية والتي تجعل الجنة تحت أقدامها.
وأما نقصانُ حظها ، فكذلك لعدم حاجتها للعبِ دور الرجل في الخدمة الظاهرية التي حمّلته أعباءً وهموما وواجباتٍ ارتأى الله جل وعلا أن يجعل حظه (الظاهري المادي) أعظم منها ، لكي يقوم بالتالي بخدمتها هي فعلاً وهذه ميزة أخرى لها!!
وأما نقصان إيمانها ، فلقوة ارتباطها المعنوي بالله باعتبارِ أن الإيمانَ هو الوصلة ما بين الإنسان والله ، بينما هي متحققة فعلاً فيما لم يتحقق به الرجل من صلة مع الله ، وهي ميزة(ملائكية) أخرى أعظم.
وفي شتّى حالات نقصها تلك ، ستفيض محبةً ورحمةً ،حياةً واحتواءً ، على أسرتها ومجتمعها .. لأنها أمٌّ وإن لم تفعّلْ أمومتَها بالإنجاب .
وبالتالي فإن قوامةَ الرجلِ على المرأةِ ، لا تعني حتماً سلطةَ القهرِ والخوفِ أو السيطرةِ والأسر ، كما سعى العقلُ الذكوريّ الجمعيّ لتعزيزه عبر تاريخ طويل ، حتى عند المرأة نفسها ، بربوبيّة مطلقة للبيت بكلّ ما فيه ومن فيه ، بل تعني أن يأخذ كلّ منهما مكانَه الحق ، ودورَه الحق ، لتساويهما أمام الله في الحقوق والواجبات . فقوامتُه حتميّة بحسب ما يقتضي دورُه الدنيوي الظاهري ، الذي قدّره الله له ، وطاعتُها له أيضاً حتميّة ، إنما على منهاجِ المحبةِ والرحمةِ والتكاملِ، لا القسرِ والقهر .
وحينها ربما تصل وصيّة تلك الأعرابية لابنتها ليلة ودّعتها وسلّمتها لزوجها من بين وصاياها العشر : ” كوني له أمةً .. يكن لك عبداً .. والله يتخيّر لك ” .. وحينها سيعود الضلعُ القاصر بالمحبة – ولا سبيل سواها – إلى صدرالرجل طواعية ورضىً ، لتحقيق الكينونة الواحدة التي شاءها الله ، وأرادا مشيئته .
ابتسمتْ ساخرةً من أملٍ يبدو مستحيلا ، ثمّ تهاوتْ على السريرِ منهكةً ، لتدخلَ متاهةَ الهروبِ من جديدٍ ، كما تدعو النومَ أو الموتَ المؤقّت .
وفي الحلمِ ……………
ومن الغيبِ الشاهد ، أطلّ الفارسُ الجميلُ الغامضُ كعادته كلّ ليلة ، مسربلاً بالوعدِ والفرحِ ، عانقها بلهفةِ عاشقٍ متيّمٍ ، فاستسلمتْ لدفءِ ذراعيه حيثُ الأمان من جحيمِ فكرِ البشر المستعر ، حيثُ جنّة الله التي لا يهدرُ فيها صوتُ الربّ مجلجلاً متوعداً :
“عليكِ الرجم أيتها الزانية ”
رغم أنّ “الأعمالَ بالنيّاتِ ولكلّ إنسانٍ ما نوى” ، كما يقولون ولا يفقهون …………….
********************************
ثناء طه درويش
الخميس يونيو 14, 2018 10:21 pm من طرف Jaber
» (العالم والمتعلم)
الخميس يونيو 14, 2018 10:17 pm من طرف Jaber
» (الستر على المؤمن)
الخميس يونيو 14, 2018 10:14 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:11 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:09 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:06 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:04 pm من طرف Jaber
» قبسات من أنوار الإمام المعز لدين الله عليه السلام
الخميس يونيو 14, 2018 9:33 pm من طرف Jaber
» أفيقوا ياأخوة المعنى ولا تكونوا نظراء في التراكيب
الإثنين مارس 26, 2018 8:03 pm من طرف أبابيل
» طلب معلومات عن حجج الله
الإثنين أكتوبر 23, 2017 10:42 pm من طرف أبابيل
» التلاعب بالترددات
الخميس أبريل 27, 2017 8:22 pm من طرف العتيق
» عرفوني على مذهبكم لعلي أكون منكم ومعكم
الإثنين مارس 20, 2017 2:48 pm من طرف zain.abdalkader