فأهلاً بك 
ماذا عن الروح عند الأقدمين
الإيمان بالروح قديم قدم الإنسان ، بما في ذلك الاعتقاد بخلودها وبالثواب وبالعقاب . وكلما تتبع الباحثون تاريخ المجتمعات البشرية وجدوا الإيمان واضحاً بهذا الخلود ، بل وجدوا علامات كثيرة من التشابه في وصف الحياة الآخرة ورطها بالحياة الدنيا . ومن الاعتقاد بأن هذه الحياة الآخرة فيها كل مظاهر الحياة الدنيا مع تفاوت كبير في ظروف السعادة أو الشقاء .
فذلك هو ما التقت عنده معتقدات الأقدمين وأساطيرهم وأشعارهم في شتى الحضارات المندثرة . وعند من يعرفون كيف أن الإلهام قد يوجه الحياة في كافة مستوياتها ، وكيف أن عقول العباقرة والفلاسفة والشعراء كثيراً ما تكون هي ( أجهزة الاستقبال ) لهذا الإلهام الكوني العام ، يبدو مفهوماً أمر تشابه المعتقدات المختلفة عند شتى شعوب الأرض في شأن الحياة الأخرى ، لا في شأن التسليم بها فحسب .
· نجد مثلاً المصريين القدماء قد عرفوا في ديانتهم الجحيم المظلم يما يحتويه من ألوان العذاب ، وتصوروا الفردوس بما فيه من أنواع النعيم والسعادة الأبدية ، وعندهم أوزوريس يزن أعمال الناس ويدفع بهم إلى الجزء العادل .
· وفي ديانة البابليين تهبط عشتروت إلى الجحيم حيث عذاب الزمهرير والجوع والعطش والبرص لتبعث تاموز إلى الحياة .
· وعند اليهود أرض الظلام التي تقع تحت الأرض وتتلقى الأخبار والأشرار على السواء .
· وفي ديانة الفرس جحيم ومطهر الفردوس ، والإنسان ميدان معركة بين اهورا ما زاد إله الخير وأهر يمان ملك الظلمات والعالم السفلي .
· وفي ديانة الهند يهبط يودهشتيرا إلى الجحيم حيث رائحة الإثم والجثث والديدان والهوام والطيور والكواسر وأمواج اللهب . ويصعد البطل أرجنا إلى السماء مأوى المؤمنين حيث الأزهار الجميلة ، والغواني تحت الأشجار الخضراء ، والأنغام السماوية ، ويصل البطل محاطاً بالملائكة وصفوة البراهمة إلى حضرة رب الأرباب .
· ويذكر هوميروس في الإلياذة عالم الموتى والأبالسة وأنهار الجحيم وأبواب السماء ونعيم الفردوس . ويتكلم في الأوديسة عن زيادة أوليسيس للعالم السفلي وحديثه مع أشباح الموتى .
وهكذا يصدق على إيمان مواكب الشعوب بالروح وبالخلود ، ما لاحظه أحد الحكماء من أنه مما كتبه الفلاسفة من جميع الأجناس وما أنشده فطاحل شعراء جميع الشعوب ، وما جاء به حكماء جميع الأمم ، نستطيع أن نجمع آثار هذا الإشراق الذي جاب الإنسان وهو تفتح الوعي الروحي .
لقد تحدث عنه هذا بطريقة ، وذاك بأخرى ، ولكت الجميع رددوا نفس القصة ، قصة واحدة لا تختلف . كل الذين أشرق عليهم هذا النور ولو خافتاً باهتاً ضعيف الضياء يرون نفس المعالم . وقرب الشبه بين ما تصنعه الأنشودة والشعر والتعاليم مهما بعد العصر واتسعت الحقبة بينهما . إنها أنشودة الروح التي إذا سمعت مرة لا تنسى ، سواء أنشدها المتوحش على صوت آلته البدائية ، أو عزفها المتحضر على أوتار الآلة العصرية المتقنة .
والاعتقاد بإمكان الاتصال بين الأحياء والأموات ليس بدوره أمراً جديداً ، بل ‘نه يمثل عقيدة كانت معروفة وشائعة في مجتمعات كثيرة .
فيروي المؤرخ ( فسك ) مثلاً أن الاتصال بأرواح الموتى كان من أول العبادات التي عرفها أجدادنا على اختلاف أجناسهم التي عاشت في أفريقيا وآسيا والصين واليابان ، وفي الشعب الآري الأوروبي ، وفي قبائل الهنود الأمريكيين . كما يروي ( آليين ) أيضاً في ( تاريخ المدينة ) أن القبائل المتوحشة في كل العالم ذات إلمام بالنفس الإنسانية وعالم الروح والخلود بوجه عام .. وأن الوفاة ما هي إلا خلاص الجسم عن طريق هذه النفس العجيبة التي يعتقدون أنها تظل في مكان ما قريب ، وأن الحب والكره في هذا العالم ينتقلان إلى العالم الآخر . وإن هذا الموضوع قديم . وإن كل ما فعله العلم الحديث هو أنه رضي أخيراً أن يتواضع قليلاً ويبحثه بالأساليب العلمية الحديثة ، فكانت المفاجأة الكبرى أنه جاوز الامتحان بنجاح في الوقت الذي كان قد أستقر في الأذهان أنه محض خرافة اندثرت مع تقدم العرفان إلى غير رجعة .
منقول من كتاب الإنسان روح لا جسد
» (العالم والمتعلم)
» (الستر على المؤمن)
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
» قبسات من أنوار الإمام المعز لدين الله عليه السلام
» أفيقوا ياأخوة المعنى ولا تكونوا نظراء في التراكيب
» طلب معلومات عن حجج الله
» التلاعب بالترددات
» عرفوني على مذهبكم لعلي أكون منكم ومعكم