الوراقة

 

هل سيشهد انطلاقة جديدة في الفترة القادمة....؟ .. موقع الوراقة السياحي في مصياف بلا استثمار



نسرين سليمان
تحقيقات
الاثنين: 26-4-2010
ـ تعد السياحة أحد أهم روافد الاقتصاد الوطني في الوقت المعاصر , وهي جسر للتواصل والتعريف بخصوصيات المجتمعات وثقافاتها وحضاراتها , وعاداتها , وتقاليدها وسورية تمتلك المقومات والمؤهلات الكافية لتكون قبلة للسياح العرب والأجانب على حد سواء , ولكن حتى الآن لمّا تزل الكثير من مناطقها ومدنها تفتقد لأدنى الخدمات في مجال السياحة من توافر الكوادر المؤهلة , والبنى التحتية كتسوية الطرقات ,

والارتقاء بمستوى الفنادق والمطاعم والخدمات التي تقدمها , والاهتمام بالإعلانات , أي تأمين كل مايخدم الواقع السياحي منها .‏ 

ومصياف إحدى هذه المناطق , وهي تتمتع بطبيعة ساحرة , وهواء نقي ومناخ معتدل إضافة إلى أنها معبر يصل الساحل بالداخل كل هذا جعل منها موقعاً يرتاده الناس من كل حدب وصوب..‏ 

الوراقة عبر الزمن‏ 

من يزرْ مصياف يجب عليه زيارة الوراقة , إن لم يكن من أجل تاريخها العريق وهوائها العليل , ومناظرها الخلابة , وأشجارها التي تعد الأقدم في المنطقة ومائها الرقراق , فسيزورها لوجود فندق يتيم في المدينة , ومتنزه ـ كان ـ يعد الأفضل فيها , وقد تغنى بها الشعراء , وقالوا أجمل الأشعار في وصفها ومنها أبيات للراحل ممدوح عدوان يقول فيها :‏ 

الأهل في مصياف والروح تواقة‏ 

ياليتني صفصاف أو زهر دراقة‏ 

لأبلَّ حلقي الجاف في ماء وراقة‏ 

وحتى اليوم لم تٌمحَ من ذاكرة أبنائها الحفلات التي غنى فيها مطربون كبار وأحيوا حفلات رأس السنة , وغيرها من الحفلات , ولم تُمحَ من ذاكرتهم القصص والحكايا عن تاريخها , حيث قال أحد المعمرين: إنه كان فيها نبع يسقي البساتين والأراضي المجاورة للمدينة وذلك منذ 1926 , ولكنه جفَّ بسبب حفر آبار ارتوازية في المنطقة المجاورة له , أما الأشجار فهي موجودة منذ الثلاثينيات ويروى أن المساجين هم من قاموا بزراعتها وسقايتها في تلك الفترة بتكليف من الجنرال الفرنسي (فيّو) ولما يزل في الموقع غرفة مصنوعة من حجر وطين .‏ 

تغيرت أحوالها‏ 

موقع الوراقة له قيمة تاريخية وجمالية , ولكن على مايبدو أن الأيام جارت عليه , وجاء اليوم الذي تبدلت فيه الحال , وتحولت الوراقة بمتنزهها وفندقها من مقصد لكثير من الزوار سواء من الداخل أم الخارج , ومكانا ً يجدون فيه المتعة والراحة إلى مكان للذكرى فقط والوقوف على الأطلال , فقد ساءت أحوالها , وتردت خدماتها , وفقدت نجماتها , وجفت مياهها , حتى أصبح من يذكرها يذكرها بحسرة وآه على ماآلت إليه.‏ 

أحد المواطنين قال : كنا نحفظ بها ماء وجهنا إن جاءنا ضيف , وكنا نجد فيها مكاناً مناسباً , فمتنزهها هو الأفضل في فترة مضت , ولكنه اليوم دون المستوى المطلوب , وكذلك الفندق رغم أنه مصنف نجمتين , ولكن مايقدمه من خدمات لاتعطيه أية نجمة , فقط الأسعار يمكن تصنيفها بنجمات عديدة, علماً أنها لاتتناسب مع الخدمات المتوافرة ومع التجهيزات الموجودة , فكيف إذا توافرت الخدمات عندها لن تكفي النجوم؟!..‏ 

عدم استثمارها فوّت الكثير من الأموال‏ 

صحيح ان مدينة مصياف مصنفة على أنها سياحية , ولكنها بحاجة إلى العديد من الخدمات وهذا ما جعل معظم الزوار يعدها منطقة عبور فقط , إلى أماكن سياحية أخرى كوادي العيون أو القدموس أو الكفرون ومشتى الحلو وغيرها , ليس لفقرها بالمناظر الجميلة , والمناخ المعتدل والمناطق الأثرية , وإنما لعدم توافر الخدمات الكافية فيها , فلماذا لانحولها من منطقة عبور إلى منطقة جذب لهم , فإن لم تكن أجمل من الزبداني وبلودان و... , هي تضاهي هذه المناطق التي تعد سياحية بامتياز , وهنا نتساءل كم هو المردود المالي الذي كان من الممكن ان يصل إلى مجلس المدينة ( الجهة المالكة ) لو تم استثمار هذه المواقع , وحينها سيكون بالأحرى أن يتصرف بها مجلس المدينة بما يعود بالنفع على المجلس والمواطنين , وبما يساعد على تحسين الواقع الخدمي والسياحي من طرقات وغيرها.‏ 

ترميم وإعادة تأهيل للموقع‏ 

ولمعرفة الأسباب التي حالت دون استثمار هذه المواقع , توجهنا بالسؤال إلى رئيس مجلس المدينة محمد الشيخ علي حيث قال : قامت الوحدة الهندسية باستثمار الفندق لمدة 15 عاما ً وعملت على ترميمه , وفي نهاية الشهر الرابع /2010/ ينتهي العقد معها , أي تنتهي مدة استثمارها له , وقد أعد المكتب الفني في البلدية دراسة كاملة بالتعاون مع مديرية السياحة لإعادة ترميمه ليصنَّف بنجمتين أو ثلاث نجمات حسب المواصفات المطلوبة , مع الحفاظ على هيكله الخارجي الذي يعطيه قيمة تاريخية , فهو مشاد منذ عام 1959 , وسيطرح الإعلان عنه عند نهاية العقد لاستثماره وفق الشروط المطلوبة .‏ 

أما بالنسبة للمتنزه فقد طرحته وزارة السياحة للاستثمار منذ 5 سنوات , وحتى الآن لم يستثمره أحد لذا قامت البلدية بتنظيم مخططات للموقع تشمل إنشاء صالة أعراس تتسع لحوالى 800 شخص ومطعم شتوي لاسيما أنه لايوجد صالات كافية في المدينة وخاصة المغلقة منها , أما باقي المساحة فستكون صالة أفراح صيفية , ومسبحاً وملاعب للأطفال ونوافير مياه , وسيتم إعادة تأهيل التربة وزراعة أشجار إضافية , كما حصلنا على موافقة وزارة الزراعة والإدارة المحلية لأخذ المشتل المجاور للموقع وتحويله إلى حديقة عامة , وبذلك يصبح الفندق والمتنزه والمشتل كتلة واحدة , وذلك لتحقيق الهدف الأساسي من المشروع وهو التوظيف السياحي للموقع وبالتالي تشجيع المستثمرين ...‏ 

وأضاف بأن جميع المخططات جاهزة , وسيتم الإعلان قريباً لاستثمار الموقع..‏ 

في مديرية السياحة‏ 

ولأن وزارة السياحة هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن المواقع الاصطيافية والسياحية , ويقع على عاتقها مهمة الإعلان عنها , وكذلك تحسينها وتطويرها والاهتمام بها , التقينا المهندس مرهف أرحيّم مدير السياحة في محافظة حماة , وكان لنا بعض الأسئلة:‏ 

كيف تم تصنيف مصياف على أنها سياحية ؟‏ 

مصياف تمتلك مقومات سياحية كثيرة , الطبيعة الجميلة , والهواء النقي , وهي مدينة أثرية ومنطقة اصطيافية , ومقصد سياحة دينية , والآن مصنفة ضمن المناطق الاصطيافية ريثما يتم العمل على إنهاء تحديد حدود المناطق السياحية , فالعمل جارٍ في كل المناطق , وهو يحتاج لجهد كبير ..‏ 

ماهو سبب عزوف المستثمرين عن استثمار موقع الوراقة ..؟‏ 

السبب الرئيس لعزوف المستثمرين هو الموسمية , لأن ذروة الحركة في فصل الصيف , وهذا يجعل المستثمر لايرغب فيها لقصر المدة التي تحقق الربح المناسب مع مادفعوه لتحسين الموقع , وخاصة أنه تم طرحها على نظام (PoT ) وتقوم فكرة النظام على أن المستثمر يأخذ الموقع , ويبدأ أعمال الترميم والتحسين وفق مدة محددة , وبعد الانتهاء من فترة التشغيل يعود الموقع إلى الجهة المالكة , وأثناء هذه الفترة تُعطى نسبة من الأرباح إلى المالك, فإذا كان المردود قليلاً للمستثمر فإنه ل***غب بالاستثمار.‏ 

كيف يمكن أن نشجع المستثمر ؟‏ 

في حال التخلص من فكرة الموسمية , وذلك بإضافة فعاليات أخرى كإقامة مهرجانات في فصل الشتاء وأعياد الميلاد والأعياد الأخرى , وتوظيف الصالة القديمة , وإضافة صالة ثانية ومسبح , ومقهى رصيف .. أي إعادة تأهيل الموقع وتحسينه لزيادة عدد الزوار‏ 

ماهي الإجراءات للنهوض بالواقع السياحي والخدمي في المدينة ؟‏ 

عدد الزوار قليل جداً إذا ماقورن بجمالية المنطقة وطبيعتها ومناخها .. وواقعها يحتاج إلى النهوض به وهذا يحتاج إلى تضافر الجهود والتعاون بين جميع الجهات من مجلس المدينة والآثار والسياحة والمجتمع المدني لأن يداً واحدة لاتصفق .‏ 

ماهي المواقع التي طرحت في سوق الاستثمار السياحي هذا العام‏ 

المواقع التي طرحت في العام الماضي إضافة إلى مواقع السياحة والزيارة المفتوحة هي (جورين ـ الوراقة ـ موقع البرناوي ـ بيت العظم ـ الكركات ـ دوير المشايخ ـ دير الصليب ـ برشين ـ تين السبيل ـ عين حلاقيم) أما مواقع السياحة المفتوحة هي : حديقة الثورة ـ جرف الشريعة ـ الحديقة المقابلة للصالة الرياضية ..‏ 

وكلها مواقع هامة ومدروسة بعناية ..‏ 

كلمة أخيرة :‏ 

نأمل أن تكون التعديلات والتحسينات التي ستجري لإعادة تأهيل موقع الوراقة كافية وكفيلة بتحقيق انطلاقة جديدة في الفترة القادمة , وهذا يتطلب خطوات جادة وسريعة لاستثمار الموقع , ويتطلب أيضاً تضافر الجهود للنهوض بالواقع السياحي للمدينة , لأن السياحة أصبحت صناعة العصر وعصب الحياة الاقتصادية .‏