بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، الله خيرٌ أمّا يشركون ؟
بدايةً أحب أن أوجه تحية حبّ لجميع المسلمين في العالم على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم، وأبارك لهم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، راجياً من الله تعالى أن يمن علينا فيه بالقبول والمغفرة والرحمة.
إخوة الإيمان
في كل عام وفي غمرة استعداد الأمة الإسلامية لاستقبال شهر رمضان المبارك تتجدد النقاشات وتطرح الأفكار والآراء المختلفة حول تحديد بداية الشهر الكريم، ومن ثم تحديد عيد الفطر السعيد.
ومن ذلك ما يتردد في مدينتنا مصياف أن الإسماعيلين النزاريين المؤمنيين (( الجعفرية )) يصومون قبل الناس ويفطرون قبلهم، وهذا كلام بحاجة للوقوف على وجهه الصحيح.
ومن هنا أقول:
أننا كإسماعيليين نتبع ما أمرنا الله به ونقتدي بسنة نبيه وهدي الأئمة من ذريته، فصيامنا يكون وفقاً لقواعد واضحة لا لبس فيها.
وقبل البدء بشرح ما نعتمد عليه لتحديد الصوم كما ورد عن أهل بيت رسول الله صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين، لا بد أن نرى كيف يصوم عموم المسلمين؟؟
هل هم مجمعون على قاعدة ثابتة تحدد رمضان بدقة؟
أم كل منهم يغني على ليلاه ويبدأ الصوم كما يحلو له؟
طبعاً الواقع واضح أنهم مختلفون وكل دولة تثبت الصوم بمفردها، لذلك لا نجد ما يلزمنا بموافقتهم.
ونحن نرى الجميع يرددون ما وضعه الله تعالى في كتابه العزيز عن شهر رمضان، قال تعالى:
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ }
فكيف تعامل عموم المسلمون مع هذا النص؟؟
رأيناهم يقولون (( فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ )) أنها تعود على رؤية الهلال !!
ويشفعون النص القرآني بحديث يروونه عن النبي الأكرم:
(( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ))
فاعتبر فقهاؤهم من خلال ما فهموه بعقولهم واستنبطوه بقياسهم أن رؤية الهلال هي الملزمة لتحديد الصوم والفطر!!
وبهذه القراءة الناقصة دخلت الأمة الإسلامية في نفق مظلم من التخبط والضياع لا يعلم له نهاية ولا يرى في عتمته أي بصيص نور.
أما ما وصلنا من علوم مدرسة أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة الذين هم النور الذي به نهتدي للعلم الإلهي والسنة النبوية الشريفة المطهرة عن الزيف والتحريف والبعيدة عن القياسات الناقصة والآراء السخيفة، أن قول الله تعالى:
{ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ }
أن لا يمكن أن يكون القصد بهذه الآية رؤية الهلال، فالشهر هنا هو شهر رمضان لأنه قال في بداية الآية
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } وأتبعه بقوله { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } أي من شهد شهر رمضان.
فإن قال قائل كيف نشهد الشهر ؟؟
نقول ليس شهود الشهر رؤيته بالعين المجردة، فهذا من سخيف القول، فهو تعالى شأنه لم يقل "فمن شاهد " أي ( رؤية العين ) بل قال "فمن شهد" أي العلم والمعرفة بكيفية بدء الشهر ونهايته، أي بشهادة العقل عندها يجب الصوم، ولو كانت شهادة العين هي المقصودة لكان قولنا أشهد أن لا إله إلا الله باطل لأننا لم نره بعيوننا !!
ولكن عندما كانت الشهادة بالعقل الذي يأخذ بالعلم الصحيح كان قولنا صحيحاً.
أما ما يقولوه عن الحديث المروي عن رسول الله فلا بد من إيراده كاملاً حتى يتبين لنا المعنى الحقيقي له، وهو على الشكل التالي:
n]خرج رسول الله صلى الله عليه وآله يوماً لبعض غزواته ، وكان قد اقترب شهر رمضان، فقال من بقي في المدينة: يا رسول الله كنا نصوم بصومك ونفطر بفطرك فكيف يجري حالنا في غيبتك؟؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته. ]
ومن الحديث نجد أن الصيام كان بصوم رسول الله لا برؤية الهلال والفطر بفطره، فلم يسمع في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه أمر بتحري الهلال، فلو ثبت ذلك لكان طعناً في نبوته، حاشا رسول الله من هكذا نقص، وإنما ورد الحديث في حال غيبة الرسول الأكرم أو من يقوم مقامه.
وما يلفت نظرنا انه صلى الله عليه وآله وسلم لم يقل لهم صوموا عند رؤيته، لأنه لو قال ذلك لتبين من كلامه رؤية الهلال بالعين..!!
فهو صلى الله عليه وآله لا يمكن أن يقصد ذلك وهو يعلم ما سيسببه ذلك من الاختلاف والضياع ، لأن رؤية الهلال تشوبها عدة مشاكل مثل حالة الجو وتلبد السماء بالغيوم والغبار فضلاً عن الموقع الجغرافي الذي يبيح الرؤيا من مكان ويمنعها في آخر.
فهل من المعقول أن تكون فريضة صوم رمضان وهي من أعظم الفرائض هكذا بلا بينة؟؟
بالطبع لا
لقد كان خطاب النبي الأكرم لأناس يعلمون منازل القمر بدقة، ويعلمون مطالعه ومغاربه، وموقعه في كل ليلة، فكل منزلة للقمر عند العرب لها اسم، وبنظرة للسماء ومواقع النجوم فيها يعلم العربي في أي منزلة القمر حتى لو لم يكن مرئياً، فهم كما وصفهم الله جل وعلا في كتابه حيث قال:
{ وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ }
فالرؤية التي قصدها الرسول الأكرم هي رؤية علمية مرتبطة بعدة ضوابط تساعد في تحديد بدء الشهر.
وهذه الضوابط هي كما قدمها أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
قال تعالى:
{ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }
هذ الآية تؤكد ضرورة اعتماد ولادة الهلال فلكياً
فحركة القمر وبالتالي الشهر القمري كما شهد بذلك كتاب الله عز وجل محسوبة بدقة، ونستطيع حساب ولادة الهلال بدقة باستخدام الجداول الفلكية وما تقدمه المراصد الفلكية التي تطورت كثيراً في عصرنا الحالي.
وأهم ما يجب أن نعرفه أن الشهر القمري هو 29.53يوم لا تزيد ولا تنقص.
ولا يكون مرة 30يوم ومرة 29 يوم.
ولكن لضبط ايام الشهر القمرية جعل شهراً 29 ويعطي ما بقي من ساعاته للشهر الذي يليه فيصير ثلاثين يوماً.
ولضبط ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
]ما تم شعبان وما نقص رمضان ]
وكانت العرب تعتبر الأشهر الفردية تامة أي 30 يوماً والأشهر الزوجية ناقصة أي 29 يوماً.
وهذا يطابق قول الرسول الأكرم، فرمضان هو تاسع الشهور فهو 30يوم وشعبان هو ثامنها فهو 29يوم.
ولتأكيد ذلك ميز شعبان بليلة النصف دون باقي الشهور، أي لا بد أن يكون 29يوم، لتكون ليلة النصف قبلها 14 ليلة وبعدها 14 ليلة.
أما إن كان شعبان30يوم فليس له ليلة نصف وهذا محال.
وشهر رمضان لا بد أن يكون 30يوماً، لأن الله تعالى قال عنه:
{ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ}
والشيء المعدود لا يزيد ولا ينقص،
وأمر تعالى بإكمال عدة رمضان وليس شعبان بقوله:
{ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }
وجعل كفارة الفطر فيه إطعام ستين مسكيناً، ولو كان رمضان يزيد وينقص لكانت الكفارة إطعام 58مسكيناً إذا كان رمضان 29يوماً.
إخوة الإيمان
خلاصة ما تقدم نقول:
1- يجب اعتماد ولادة الهلال فلكياً وذلك لأن الهلال عندما يرى يكون عمره يوم أو أكثر، فمن غير المعقول أن يصل الإنسان إلى القمر بينما ما زال المسلمون يختلفون على رؤيته.
2- يجب أن يدرك المسلمون أن شعبان 29 يوم ورمضان 30 يوم ، أي لا يتم شعبان ولا ينقص رمضان، فهذا يسهل عليهم معرفة بداية شهر الصوم ويزيل الالتباس فيه.
وفي النهاية نبارك للمسلمين بصومهم كيفما اختاروه، ولكننا قدمنا لكم ما تعلمناه من كتاب الله وسنة نبيه واهل بيته الأطهار بعيداً عن الأهواء الشخصية والعصبية المذهبية.
والله من وراء القصد
الخميس يونيو 14, 2018 10:21 pm من طرف Jaber
» (العالم والمتعلم)
الخميس يونيو 14, 2018 10:17 pm من طرف Jaber
» (الستر على المؤمن)
الخميس يونيو 14, 2018 10:14 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:11 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:09 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:06 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:04 pm من طرف Jaber
» قبسات من أنوار الإمام المعز لدين الله عليه السلام
الخميس يونيو 14, 2018 9:33 pm من طرف Jaber
» أفيقوا ياأخوة المعنى ولا تكونوا نظراء في التراكيب
الإثنين مارس 26, 2018 8:03 pm من طرف أبابيل
» طلب معلومات عن حجج الله
الإثنين أكتوبر 23, 2017 10:42 pm من طرف أبابيل
» التلاعب بالترددات
الخميس أبريل 27, 2017 8:22 pm من طرف العتيق
» عرفوني على مذهبكم لعلي أكون منكم ومعكم
الإثنين مارس 20, 2017 2:48 pm من طرف zain.abdalkader