رجل .. وامرأة
ممّا لاشكّ فيه أن المرأة العربيّة المبدعة أثبتت حضورها على خارطة العطاء الفكريّ ,حيث يلاحظ التميّز في وتيرة وجود الصوت الإبداعيّ فوق ساحة الإبداع والسنوات الأخيرة تبدو عامرة بألق أنثويّ كان ينتظر فرصة الخروج إلى النور بقوّة لافتة .ومن يراقب الآن مسار التأليف في الأقطار العربية , لابدّ من أن يرى كتباً خطّتها أقلام نسائيّة بكثافة نوعيّة لم تكن عليها في يوم من الأيّام .وهذا يعبّر عن مقدرة المرأة على إثبات وجودها ,فعلاً لاقولاً ,بعد أن كانت أميل إلى الوجود قولاً لا فعلاً .وإذا ما رجعنا إلى الوراء لرأينا المرأة قد حقّقت أسبقيّة في ميدان الشعر ,كون الشعر كفعل أبداعيّ أقدم من فن القصّة والرواية , إلاّ أنّها تمكّنت في ما بعد من إثبات ذاتها قصصيّاً وروائيّاً والجميل في ما يكتب الآن بصوت أنثويّ , أنّه يترجم عالم الأنثى بصدق وحرارة , كما أنّه يعبّر عن العوالم الأخرى أجمل تعبير ... فالمرأة هي الأمّ بالمفهوم المقدّس , وهي الحبيبة بشفافية وألق المعنى , وهي الزوجة بحميميّة العلاقة ,وهي المناضلة الأقرب دائما إلى فهم المشاعر الوطنيّة والإنسانية بجمال ذي خصوصيّة .لقد استطاعت المبدعة العربيّة بشكل عام , والسوريّة بشكل خاص , أن تدخل في النسيج الاجتماعي من بابه العريض ,كونها تعيشه يومياًّ , ولاتريد الابتعاد عنه كما استطاعت معايشة الهمّ السياسي والاقتصادي أيضاً , فكتبت ذلك بما يشبه التوثيق حيناً , والوصول إلى التحليل حيناً أخر . أما بالنسبة للطرح الذي يقول بأنّ تجارب المبدعات لاتزال غارقة في الجزئيّات التقليديّة لوضع المرأة ,دون أن ترقى إلى الدرجة التي وصلت إليها تجارب المبدعين من الرجال في معالجة الهموم والمواجع بمعناها الواسع والأعمّ , فأنّ هذا الطرح يأخذ صفة المقولة الجاهزة ,أو الحكم القطعي لمن يقرأ بطريقه موضوعيّة . وإذا كان الرجل قد سبق إلى تناول حيثيَّات كثيرة كانت المرأة بعيدة عن تناولها فأنّ سبب ذلك يُعزى إلى غيابها عن ساحة الإبداع لفترة طويلة من الزمن . أمّا اليوم فإنّها تسير جنباً إلى جنب مع الرجل في معالجة الموضوعات كلّها , لأنّ المبدع / بالمعنى الشامل للكلمة /يملك مقدرة استثنائيّة على مشاهدة الأعماق , واستبصار الآتي والقبض على جمرة المستقبل من أجل أداء الرسالة , واستدعاء جميع حقول الفكر لتفرد أوراقها الخضراء في عالم الأداء الذي لايُحدّ بحدود . المرأة العربية أصبحت تقول بملء شخصيّتها تجسّد حركتها روحاً وفكراً , فليس ما تعطيه بالشيء القليل أنّها قادرة على التعبير عن هموم وطنها ومجتمعها بكثير من المسؤوليّة الملقاة على عاتقها كأمّ ومربّية ومبدعة .يندفع قلمها للانطلاق خارج حدود الزمان والمكان ,لتوليف الوقت لصالح العطاء , وإضاءة الطريق من أجل الارتقاء , ووضع الحلول لكّل ما هو مهجور أو منسيّ ,لأنّها عندما تبدع , يسبر يراعها كهوف الكشف , ويستنهض الرؤية غير العاديّة , ويذهب داخلها إلى أكثر ممّا يجب . الهمّ العام هو الذي يشغلها , وليس الهمّ الخاص .. تحمله على عاتقها بنوع من الحساسيّة والدهشة , فتتنفّس كائناتها فوق الورق , وتظهر فلسفة الحياة كاملة .. المعاناة ناظمها , والتوقّد رسالتها لتأويل الواقع وترجته ..لاضير إن كتبت الأديبة عن هموم المرأة تحديداً ,فهي الأقدر على التعبير عن واقع بنات جنسها وحالهنّ , لكن شريطة أن يتمّ هذا من خلال معالجة عامّة لمشكلات أكبر وأعمق ... ولاضير أيضاً إن كتب الأديب عن الرجل تحديداً ,فهو أيضاً الأقدر على فهم معضلات حياته ,وفكّ طلاسم أشكالياته ,ولكن من خلال خطوط عرضة بمشتمع واسع .
الأدب أدب ... والإبداع إبداع ... أنا معنيّة مثلما أنت معنيّ . الوطن وطني مثلما هو وطنك ... والإنسان مقصدي مثلما هو مقصدك . فتعال نبن معاً , نرق معاً .. رجل,تحقّق هذا إلا بكلينا .. رجل ,وامرأة
الأديبة حنان درويش
ممّا لاشكّ فيه أن المرأة العربيّة المبدعة أثبتت حضورها على خارطة العطاء الفكريّ ,حيث يلاحظ التميّز في وتيرة وجود الصوت الإبداعيّ فوق ساحة الإبداع والسنوات الأخيرة تبدو عامرة بألق أنثويّ كان ينتظر فرصة الخروج إلى النور بقوّة لافتة .ومن يراقب الآن مسار التأليف في الأقطار العربية , لابدّ من أن يرى كتباً خطّتها أقلام نسائيّة بكثافة نوعيّة لم تكن عليها في يوم من الأيّام .وهذا يعبّر عن مقدرة المرأة على إثبات وجودها ,فعلاً لاقولاً ,بعد أن كانت أميل إلى الوجود قولاً لا فعلاً .وإذا ما رجعنا إلى الوراء لرأينا المرأة قد حقّقت أسبقيّة في ميدان الشعر ,كون الشعر كفعل أبداعيّ أقدم من فن القصّة والرواية , إلاّ أنّها تمكّنت في ما بعد من إثبات ذاتها قصصيّاً وروائيّاً والجميل في ما يكتب الآن بصوت أنثويّ , أنّه يترجم عالم الأنثى بصدق وحرارة , كما أنّه يعبّر عن العوالم الأخرى أجمل تعبير ... فالمرأة هي الأمّ بالمفهوم المقدّس , وهي الحبيبة بشفافية وألق المعنى , وهي الزوجة بحميميّة العلاقة ,وهي المناضلة الأقرب دائما إلى فهم المشاعر الوطنيّة والإنسانية بجمال ذي خصوصيّة .لقد استطاعت المبدعة العربيّة بشكل عام , والسوريّة بشكل خاص , أن تدخل في النسيج الاجتماعي من بابه العريض ,كونها تعيشه يومياًّ , ولاتريد الابتعاد عنه كما استطاعت معايشة الهمّ السياسي والاقتصادي أيضاً , فكتبت ذلك بما يشبه التوثيق حيناً , والوصول إلى التحليل حيناً أخر . أما بالنسبة للطرح الذي يقول بأنّ تجارب المبدعات لاتزال غارقة في الجزئيّات التقليديّة لوضع المرأة ,دون أن ترقى إلى الدرجة التي وصلت إليها تجارب المبدعين من الرجال في معالجة الهموم والمواجع بمعناها الواسع والأعمّ , فأنّ هذا الطرح يأخذ صفة المقولة الجاهزة ,أو الحكم القطعي لمن يقرأ بطريقه موضوعيّة . وإذا كان الرجل قد سبق إلى تناول حيثيَّات كثيرة كانت المرأة بعيدة عن تناولها فأنّ سبب ذلك يُعزى إلى غيابها عن ساحة الإبداع لفترة طويلة من الزمن . أمّا اليوم فإنّها تسير جنباً إلى جنب مع الرجل في معالجة الموضوعات كلّها , لأنّ المبدع / بالمعنى الشامل للكلمة /يملك مقدرة استثنائيّة على مشاهدة الأعماق , واستبصار الآتي والقبض على جمرة المستقبل من أجل أداء الرسالة , واستدعاء جميع حقول الفكر لتفرد أوراقها الخضراء في عالم الأداء الذي لايُحدّ بحدود . المرأة العربية أصبحت تقول بملء شخصيّتها تجسّد حركتها روحاً وفكراً , فليس ما تعطيه بالشيء القليل أنّها قادرة على التعبير عن هموم وطنها ومجتمعها بكثير من المسؤوليّة الملقاة على عاتقها كأمّ ومربّية ومبدعة .يندفع قلمها للانطلاق خارج حدود الزمان والمكان ,لتوليف الوقت لصالح العطاء , وإضاءة الطريق من أجل الارتقاء , ووضع الحلول لكّل ما هو مهجور أو منسيّ ,لأنّها عندما تبدع , يسبر يراعها كهوف الكشف , ويستنهض الرؤية غير العاديّة , ويذهب داخلها إلى أكثر ممّا يجب . الهمّ العام هو الذي يشغلها , وليس الهمّ الخاص .. تحمله على عاتقها بنوع من الحساسيّة والدهشة , فتتنفّس كائناتها فوق الورق , وتظهر فلسفة الحياة كاملة .. المعاناة ناظمها , والتوقّد رسالتها لتأويل الواقع وترجته ..لاضير إن كتبت الأديبة عن هموم المرأة تحديداً ,فهي الأقدر على التعبير عن واقع بنات جنسها وحالهنّ , لكن شريطة أن يتمّ هذا من خلال معالجة عامّة لمشكلات أكبر وأعمق ... ولاضير أيضاً إن كتب الأديب عن الرجل تحديداً ,فهو أيضاً الأقدر على فهم معضلات حياته ,وفكّ طلاسم أشكالياته ,ولكن من خلال خطوط عرضة بمشتمع واسع .
الأدب أدب ... والإبداع إبداع ... أنا معنيّة مثلما أنت معنيّ . الوطن وطني مثلما هو وطنك ... والإنسان مقصدي مثلما هو مقصدك . فتعال نبن معاً , نرق معاً .. رجل,تحقّق هذا إلا بكلينا .. رجل ,وامرأة
الأديبة حنان درويش
الخميس يونيو 14, 2018 10:21 pm من طرف Jaber
» (العالم والمتعلم)
الخميس يونيو 14, 2018 10:17 pm من طرف Jaber
» (الستر على المؤمن)
الخميس يونيو 14, 2018 10:14 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:11 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:09 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:06 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:04 pm من طرف Jaber
» قبسات من أنوار الإمام المعز لدين الله عليه السلام
الخميس يونيو 14, 2018 9:33 pm من طرف Jaber
» أفيقوا ياأخوة المعنى ولا تكونوا نظراء في التراكيب
الإثنين مارس 26, 2018 8:03 pm من طرف أبابيل
» طلب معلومات عن حجج الله
الإثنين أكتوبر 23, 2017 10:42 pm من طرف أبابيل
» التلاعب بالترددات
الخميس أبريل 27, 2017 8:22 pm من طرف العتيق
» عرفوني على مذهبكم لعلي أكون منكم ومعكم
الإثنين مارس 20, 2017 2:48 pm من طرف zain.abdalkader