الخلد والحية (حنان درويش ) تنشر لأول مرة

الخلد والحيّة
ظنّ الخلد الصغير أنّه يستطيع الخروج من البيت , والتنزّه كما يحلو له .همّ أن يفعل ذالك , فصاحت به أمّه :
ـــ لا .. لاتخرج .. لو فعلت ستضيع .
ـــ لن أضيع .
ـــ أنت أعمى , ولن تعرف أي طريق ستسلك .
ـــ وأنت عمياء , فكيف تتحرّكين ؟
ـــ عندما تكبر ستختلف الحال .
ـــ أنا أتدبّر أمري .
قال هذا وأنطلق يجري فرحاً بأشعة الشمس تدفئه , وبالهواء يداعب جسمه الطريّ .
ـــ يا الله .. ليتني كنت أرى .
حدّث نفسه يصوت مرتفع
ــ لكنّك تسمع جيّداً , أليس كذالك ؟
ــ نعم .. نعم .. من الذي يتكلّم ؟
ــ أنا صديقتك الحيّة , جئت أصحبك معي , وأدلّك على الطريق التي تريد السير فيها
ــ لكنّ أمّي حذّرتني من الأعداء .
ــ انا لست منهم . أنا صديقة تريد مساعدتك .
أبتسم الخلد , وقال في نفسه :
(( إنها لطيفة ,وطيّبة ,وذات ملمس ناعم . ))
هذا ما أحسّ به عندما أقتربت تطوّقه من كلّ جانب . وما هي إلا لحظات حتى رفعت رأسها , وفتحت فمها , وهمّت بابتلاعه .
قال الخلد , وقد شعر بالخطر يقترب منه :
ــ ماذا تريدين أن تفعلي بي أيّتها الحيّة, ــ سأكلك طبعاً .
ــ أنت أذن من الأعداء التي حذّرتني أمّي منهم .
أجاب الخلد وهو يرتجف من الخوف .
وفي تلك الأثناء كان النّسر يحلّق في السماء , ويرى عن بعد ما يجري . أقترب النسر من الأرض وصاح :
ــ أتركيه أيتها الحيّة .. أتركيه .
ــ لا ..لن أتركه , إنّه صيدي .
ــ سترين أذن مالا يعجبك .
وانقضّ النّسر على الحيّة ,وسرعان ما حملها بين مخالبه ,وارتفع في الجوّ إلى أقصى ارتفاع متاح له , ثمّ أفلتها .سقطت الحيّة على الأرض في ذات المكان الذي يفترض أنّها كانت موجودة فيه .أما الخلد فقد تمكّن من العودة إلى أمّه , ليتعلّم منها أسرار السلوك الذي يناسبه , وهو الحيوان الّليلي , كي لا يقع فريسة سهلة لأعداء النهار .

حنان درويش