رجل خارج السباق
محمد أبو حمود
منوعات
الأربعاء : 23-3-2011
يشكو
معظمنا من اندفاعنا في سباقات محمومة باتجاه الكسب المادي ( من أينما يجيء..وكيفما
يجيء) وغالباً ماننسى.. أو نشيح بوجوهنا ( بخجل أول الأمر.. ثم بدونه لاحقاً) عن قيم لن تغفر لنا هذا الانخراط الشامل في الجري
في تلك السباقات.. حيث حواسنا وقدراتنا مستنفرة في سبيل هدف واحد وحيد – المال. غَدَوْنا نتابع أسعار العملات الصعبة..
والمعادن الثمينة ومؤشر البورصة..
وصارت (
الأخبار الاقتصادية) تستولي كالحرائق –على مساحات واسعة من أخبارنا.
فجأة.. تستوقفك محطة ما.. موقف ما.. شخص ما
لاعلاقة له بهذا الاندفاع الصاخب.
وفجأة أيضاً – يثير إعجابك هذا الشخص وأنت
في حمأة السباق.. وهو يطرح أمامك وأمام الآخرين ( صفحته البيضاء) ويعمّق عجبك..
ويدفعك للتساؤل الخجل : هل بقي بياض بهذا البياض ؟
" أحمد شحادة" الطبيب والفنان واحد كهذا الشخص, ربما لاتعرفونه – لم يكن هماً لديه أن يُعرف كثيراً.. برغم
أنه لاأحد في منطقتنا – على ماأعتقد- لايعرفه إن كان في مجال الطب .. أو في حقل
الفن الجميل.
(كان ) الرجل من أوائل أطباء منطقتنا .. حيث انطلقت رحلته الطبية في
منتصف السبعينات ..وهي رحلة متسمة بالدروس البليغة.. والانسجام المدهش العميق مع
أخلاقيات هذه المهنة الإنسانية والتي يرى بعض الناس راهناً أن ثمة شوائب سرقت
شيئاً ( أو أشياء) من نقائها من خلال انهماك بعضهم في السباق الذي ذكرت.
فقراء كثر لم يكن يشغل بالهم دفع قيمة
المعاينة عند الدكتور أحمد شحادة.. الفقراء لايدفعون شيئاً عنده.
معلّمون كثر حصلوا على تقارير طبية حقيقية
منه – دون أن يدفعوا قرشاً- حين كان يعمل طبيب الصحة المدرسية.. وكان جميع
المعلمين على دراية أنه لايعطي تقريراً واستراحة لمن لايستحق.
.. وبعيداً عن حقل الطب..
( كان ) الرجل مدماك فرقة التراث والموسيقى التابعة للمركز الثقافي العربي
في مصياف.. حيث ظلَّ يقودها لأكثر من سبعة عشر عاماً.. وكان يترك عيادته ليواظب
بدقة متناهية على مواعيد تدريب الفرقة.. التي حققت نجاحات واسعة.. واستقطبت اهتمام
الناس بحفلات موسمية.. منها – إضافة لمصياف- مشاركتها شبه الدائمة بحفلات مهرجان الربيع في حماة.. مهرجان البادية
في تدمر.. مهرجان الأغنية الشعبية والتراثية في مدينة الرقة.. وكذلك حفلات شملت
محافظات أخرى في القطر.. وتلقّت الفرقة دروعاً وجوائز عديدة.. رسخت حضورها الأليف
محلياً.. فقد اعتاد جمهورها أن ( يخنق) صالة المركز الثقافي ليستمع بشغف نادر
لأغانٍ وموسيقى راقية توقظ الحنين لتلك الأغاني التي كانت محور سمرنا وسهرنا نحن
أبناء الجيل الستيني لأنها كانت مشبعة بذوق رفيع وكلمات مشحونة بالشجن وانبهارات
الحب.. وألحان حبلى بالنغم الأصيل الذي يصقل الروح ويوقد جمار المشاعر الإنسانية
الصافية.
قبيل سفره لإجراء عملية جراحية خطرة, رجا
الرجل أعضاء الفرقة المواظبة على التدريب.. والمستوى.
غيّب الموت الدكتور الفنان أحمد شحادة أواخر
آذار عام 2010 بعد رحلة صراع صعبة ومحزنة. فرقته فرقة التراث والموسيقى – مواظبة
على العطاء..
ومحافظة
على مستوى الأداء .. وهي بحالة حنين دائم لقائدها المتميز.
نقلا عن جريدة الفداء
محمد أبو حمود
منوعات
الأربعاء : 23-3-2011
يشكو
معظمنا من اندفاعنا في سباقات محمومة باتجاه الكسب المادي ( من أينما يجيء..وكيفما
يجيء) وغالباً ماننسى.. أو نشيح بوجوهنا ( بخجل أول الأمر.. ثم بدونه لاحقاً) عن قيم لن تغفر لنا هذا الانخراط الشامل في الجري
في تلك السباقات.. حيث حواسنا وقدراتنا مستنفرة في سبيل هدف واحد وحيد – المال. غَدَوْنا نتابع أسعار العملات الصعبة..
والمعادن الثمينة ومؤشر البورصة..
وصارت (
الأخبار الاقتصادية) تستولي كالحرائق –على مساحات واسعة من أخبارنا.
فجأة.. تستوقفك محطة ما.. موقف ما.. شخص ما
لاعلاقة له بهذا الاندفاع الصاخب.
وفجأة أيضاً – يثير إعجابك هذا الشخص وأنت
في حمأة السباق.. وهو يطرح أمامك وأمام الآخرين ( صفحته البيضاء) ويعمّق عجبك..
ويدفعك للتساؤل الخجل : هل بقي بياض بهذا البياض ؟
" أحمد شحادة" الطبيب والفنان واحد كهذا الشخص, ربما لاتعرفونه – لم يكن هماً لديه أن يُعرف كثيراً.. برغم
أنه لاأحد في منطقتنا – على ماأعتقد- لايعرفه إن كان في مجال الطب .. أو في حقل
الفن الجميل.
(كان ) الرجل من أوائل أطباء منطقتنا .. حيث انطلقت رحلته الطبية في
منتصف السبعينات ..وهي رحلة متسمة بالدروس البليغة.. والانسجام المدهش العميق مع
أخلاقيات هذه المهنة الإنسانية والتي يرى بعض الناس راهناً أن ثمة شوائب سرقت
شيئاً ( أو أشياء) من نقائها من خلال انهماك بعضهم في السباق الذي ذكرت.
فقراء كثر لم يكن يشغل بالهم دفع قيمة
المعاينة عند الدكتور أحمد شحادة.. الفقراء لايدفعون شيئاً عنده.
معلّمون كثر حصلوا على تقارير طبية حقيقية
منه – دون أن يدفعوا قرشاً- حين كان يعمل طبيب الصحة المدرسية.. وكان جميع
المعلمين على دراية أنه لايعطي تقريراً واستراحة لمن لايستحق.
.. وبعيداً عن حقل الطب..
( كان ) الرجل مدماك فرقة التراث والموسيقى التابعة للمركز الثقافي العربي
في مصياف.. حيث ظلَّ يقودها لأكثر من سبعة عشر عاماً.. وكان يترك عيادته ليواظب
بدقة متناهية على مواعيد تدريب الفرقة.. التي حققت نجاحات واسعة.. واستقطبت اهتمام
الناس بحفلات موسمية.. منها – إضافة لمصياف- مشاركتها شبه الدائمة بحفلات مهرجان الربيع في حماة.. مهرجان البادية
في تدمر.. مهرجان الأغنية الشعبية والتراثية في مدينة الرقة.. وكذلك حفلات شملت
محافظات أخرى في القطر.. وتلقّت الفرقة دروعاً وجوائز عديدة.. رسخت حضورها الأليف
محلياً.. فقد اعتاد جمهورها أن ( يخنق) صالة المركز الثقافي ليستمع بشغف نادر
لأغانٍ وموسيقى راقية توقظ الحنين لتلك الأغاني التي كانت محور سمرنا وسهرنا نحن
أبناء الجيل الستيني لأنها كانت مشبعة بذوق رفيع وكلمات مشحونة بالشجن وانبهارات
الحب.. وألحان حبلى بالنغم الأصيل الذي يصقل الروح ويوقد جمار المشاعر الإنسانية
الصافية.
قبيل سفره لإجراء عملية جراحية خطرة, رجا
الرجل أعضاء الفرقة المواظبة على التدريب.. والمستوى.
غيّب الموت الدكتور الفنان أحمد شحادة أواخر
آذار عام 2010 بعد رحلة صراع صعبة ومحزنة. فرقته فرقة التراث والموسيقى – مواظبة
على العطاء..
ومحافظة
على مستوى الأداء .. وهي بحالة حنين دائم لقائدها المتميز.
نقلا عن جريدة الفداء
الخميس يونيو 14, 2018 10:21 pm من طرف Jaber
» (العالم والمتعلم)
الخميس يونيو 14, 2018 10:17 pm من طرف Jaber
» (الستر على المؤمن)
الخميس يونيو 14, 2018 10:14 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:11 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:09 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:06 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:04 pm من طرف Jaber
» قبسات من أنوار الإمام المعز لدين الله عليه السلام
الخميس يونيو 14, 2018 9:33 pm من طرف Jaber
» أفيقوا ياأخوة المعنى ولا تكونوا نظراء في التراكيب
الإثنين مارس 26, 2018 8:03 pm من طرف أبابيل
» طلب معلومات عن حجج الله
الإثنين أكتوبر 23, 2017 10:42 pm من طرف أبابيل
» التلاعب بالترددات
الخميس أبريل 27, 2017 8:22 pm من طرف العتيق
» عرفوني على مذهبكم لعلي أكون منكم ومعكم
الإثنين مارس 20, 2017 2:48 pm من طرف zain.abdalkader