في رحاب أمير المؤمنين عليه السلام بمناسبة ميلاده .. أفضل المناقب عند خير البرية وقفت جميع العقول حيارى أمام شخصية أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام لما حازت عليه من الفضائل والمناقب، التي لم تجتمع في شخص غيره. فأي صفحة تقرأ من حياته، تجدها تجلي لك نموذجا لا نظير له في مواقفه وأفعاله.. في أحاديثه وأفكاره. ومن الملفت للنظر أن مناقب الإمام علي عليه السلام لم تنحصر في فترة زمنية دون أخرى، كأن تكون أيام مرافقته لرسول الله صلى الله عليه وآله أو أيام حكومته.. وإنما كل يوم من أيامه، بل كل ساعة من ساعاته هي منقبة. وقد شوهدت مناقبه منذ لحظة ولادته، حيث فتحت له الكعبة المشرفة جدرانها، ليكون وليدها الأوحد، وإختاره المصطفى لتربيته، ورافقه في مسيرته، فكان أول من آمن بالرسول والرسالة، ولم يتأخر عن النصرة لهما. عمل جهده لدفع أذى مشركي مكة عن النبي، ووقى النبي بنفسه إذ بات على فراشه يوم هجرته، وأدى ديون النبي وأماناته بعد هجرته إلى المدينة.. كما حارب المشركين وقتل أبطالهم أمثال عبد بن ود العامري، وفتح القلاع المحصنة كقلاع خيبر.. ومن مناقبه أنه أخو النبي وأبن عمه، وزوج إبنته فاطمة الزهراء، وأبو ريحانتي رسول الله الحسن والحسين عليهم السلام جميعا. وما حصل عليه الإمام علي من مناقب وفضائل لم يكن ثمرة البيئة التي ولد فيها. فعلى الرغم من إنه عليه السلام ولد في بيئة كان أهلها يأكلون الورق والقديد، ويقتلون أبناءهم خشية إملاق، وكان شعارهم الخوف، ودثارهم السيف، إلا إن شخصيته لم تتأثر بتلك الظروف الجاهلية، وإنما نهل الفضائل من نبع الفضائل والمكرمات، من الرسول والرسالة. لذا لم يعد الإمام علي رجل مكة أو الجزيرة العربية، وإنما رجل الإنسانية على مر التاريخ. وكلما كتبنا من فضائله ومناقبه، وجدنا أنفسنا لازلنا نحبو على ساحل بحر كبير كبير.. وذلك لأن شخصية أمير المؤمنين كلها مناقب. ولكي لا يتبادر إلى الاذهان، من إن مناقب علي بن أبي طالب ليست إلا أساطير وهمية من وحي الخيال، سجلها البعض من فرط حبه له. وإنما هي واقع لمسه أهل زمانه، ويدركه أهل كل زمان، جيل بعد جيل.. وذلك لأن كل حركاته وسكناته كانت وفق نهج الرسالة، وتبعا لمرضاة الله تعالى. وما تفتقت به عبقريته من أفكار ورؤى، إنما هي من وحي الرسالة. وثمة شهادات من عمق التاريخ وسطحه، تؤكد على عظمة مناقب الإمام علي عليه السلام وكثرتها؛ منها ما روي عن سعيد بن جبير، قال: أتيت عبد الله بن عباس فقلت له: يا ابن عم رسول الله؛ إني جئتك أسألك عن علي بن أبي طالب، واختلاف الناس فيه؟ فقال ابن عباس: يا ابن جبير؛ جئتني تسألني عن خير خلق الله من الأمة بعد محمد نبي الله؛ جئتني تسألني عن رجل كانت له ثلاثة آلاف منقبة في ليلة واحدة وهي ليلة القربة. يا ابن جبير؛ جئتني تسألني عن وصي رسول الله ووزيره وخليفته وصاحب حوضه ولوائه وشفاعته. والذي نفس ابن عباس بيده؛ لو كانت بحار الدنيا مدادا، والأشجار أقلاما، وأهلها كتابا، فكتبوا مناقب علي بن أبي طالب وفضائله من يوم خلق الله عز وجل الدنيا إلى أن يفنيها، ما بلغوا معشار ما آتاه الله تبارك وتعالى. وقد روى مجاهد، قال: سأل رجل عن ابن عباس فقال: ما أكثر فضائل علي بن أبي طالب، وإني لأظنها ثلاثة آلاف. فقال له ابن عباس: هي إلى الثلاثين ألفا أقرب من ثلاثة آلاف. ثم قال ابن عباس: لو أن الشجر أقلام، والبحار مداد، والإنس والجن كتاب وحساب، ما أحصوا فضائل أمير المؤمنين علي عليه السلام. وعن فضائل الإمام علي عليه السلام قال العلامة سبط ابن الجوزي (أبو الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي الحنفي المولود سنة 581هـ، والمتوفي سنة 654هـ) : وهي أشهر من الشمس والقمر، وأكثر من الحصى والمدر. وقال أحمد بن حنبل وإسماعيل بن إسحاق القاضي: لم يرو في فضائل أحد من الصحابة بالأسانيد ما روي في فضائل علي بن أبي طالب. وكذلك قال أحمد بن شعيب بن علي أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله. وبتفصيل أكثر قال محمد أبو الفضل إبراهيم-محقق كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد-: وما أقول في رجل أقر له أعداؤه وخصومه بالفضل، ولم يمكنهم جحد مناقبه، ولا كتمان فضائله. فقد علمت أنه استولى بنو أمية على سلطان الإسلام في شرق الأرض وغربها، واجتهدوا بكل حيل في إطفاء نوره، والتحريض عليه، ووضع المعايب والمثالب له، ولعنوه على جميع المنابر، وتوعدوا مادحيه، بل حبسوهم وقتلوهم، ومنعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة، أو يرفع له ذكرا، حتى حظروا أن يسمى أحمد باسمه؛ فما زاده ذلك إلا رفعة وسموا؛ وكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه، وكلما كتم تضوع نشره؛ وكالشمس لا تستر بالراح، وكضوء النهار إن حجبت عنه عين واحدة، أدركته عيون كثيرة. وأضاف قائلا: وما أقول في رجل تعزى إليه كل فضيلة، وتنتهي إليه كل فرقة، وتتجاذبه كل طائفة. فهو رئيس الفضائل وينبوعها، وأبو عذرها، وسابق مضمارها، ومجلي حلبتها؛ كل من بزغ فيما بعد فمنه أخذ، وله اقتفى، وعلى مثاله احتذى. وأعظم من كل ذلك ما قاله رسول الله صلى الله عليه واله في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام، حيث روي عن ابن عباس، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: (لو أن الغياض أقلام، والبحر مداد، والجن حساب، والإنس كتاب، ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب). وروي عن جابر بن عبد الله الأنصاري، أنه قال: لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: (إن في علي خصالا لو كانت واحدة منها في جميع الناس لا كتفوا بها فضلا). من هنا يظهر إن كل من غاص في بحار علي عليه السلام ليجمع لآلي فضائله، ودرر مناقبه، إلا وأصابه العجز والخيبة، لأنها ليست بالمحدودة ولا بالمعدودة، بل إنها فاقت من أن تحصى وتحد. وهذه الحقيقة يمكن مشاهدتها من قريب لكل من يتابع ويطالع ما كتب ويكتب من فضائل الإمام علي ومناقبه، إذ لم يترك هذا الأمر من دون تدوين. وبخسا للحقيقة إذا لم نذكر هنا، إن ما كتب في هذا المجال من قبل علماء الأمة ومثقفيها؛ من مفسرين ورواة أحاديث وفقهاء وأصحاب السير والتاريخ.. قد فاق ما كتب في فضائل الآخرين عبر التاريخ. وكشاهد على ذلك نذكر نماذج من الكتب المطبوعة في شأن أمير المؤمنين عليه السلام، في فترات زمنية متفاوتة: مناقب علي بن أبي طالب لإبن المغازلي. مناقب علي عليه السلام للحافظ المفسر الثعلبي. فضائل علي عليه السلام للحافظ الشيخ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي. فضائل علي عليه السلام للحاكم أبي عبد الله إبن البيع النيسابوري-صاحب كتاب المستدرك على الصحيحين-. مناقب علي عليه السلام للعلامة محب الدين الطبري الشافعي المكي. مناقب علي عليه السلام للعلامة الشيخ علي باحسن الحضرمي-من علماء حضر موت في القرن التاسع للهجرة-. الإمام علي عليه السلام من المهد إلى اللحد للسيد كاظم القزويني. فضائل الإمام علي عليه السلام للشيخ محمد جواد مغنية. أخلاقيات أمير المؤمنين عليه السلام للسيد هادي المدرسي. 10-الإمام علي عليه السلام عنوان صحيفة المؤمن للشيخ أحمد الرحماني الهمداني. وثمة كتب ألفت في تعظيم شخصية الإمام علي عليه السلام من قبل غير المسلمين، نذكر منها: الإمام علي صوت العدالة الإنسانية لجورج جرداق. الإمام علي نبراس ومتراس لسليمان كتاني. الإمام علي أسد الإسلام وقديسه لروكس بن زائدة العزيزة. ملحمة الغدير لبولس سلامة. ومما لا شك فيه إن كل فضائل أمير المؤمنين تنجذب إليها القلوب. وتحيى بها النفوس، دون أن تمجها آذان السامعين.. ولا نبالغ إن قلنا إن كل مناقب الإمام عليه السلام هي قمة في الفضيلة، ولكن ثمة منقبة تمتاز على غيرها بأفضلية يقرها أمير المؤمنين عليه السلام بنفسه. فيا ترى أي منقبة هي؟! قال سليم بن قيس: سأل رجل علي بن أبي طالب(ع) فقال-وأنا أسمع-: أخبرني بأفضل منقبة لك؟ قال: ما أنزل الله في كتابه. قال: وما أنزل الله فيك؟ قال: (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه). أنا الشاهد من رسول الله(ص)، وقوله: (ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب). إياي عني بمن عنده علم الكتاب. فلم يدع شيئا أنزله الله فيه إلا ذكره، مثل قوله: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) وقوله: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) وغير ذلك؟ حقا إنها هي قمة الفضائل، لأن القرآن إنما هو شهادة رب العالمين،ومن أفضل شهادة منه تبارك وتعالى؟ وخيار الإمام علي القرآن أفضل منقبة له، إن دل على شيء فإنما يدل علي عمق العلاقة التي تربطه به. وذلك لأن الإمام عاش لحظات نزول الوحي، وتابع دقائقه، ووعى آياته، وفهم محتواه.. ولم يسبقه إلى ذلك أحد. وهذا الخيار يكشف لنا إن من يقرأ شخصية الإمام علي فكأنما قرأ القرآن، ومن قرأ القرآن فكأنما قرأ عليا في حياته. وذلك لأن الإمام كان حقا مرآة القرآن في كل تفاصيل حياته. وقد يعظم على البعض قبول هذه الحقيقة للوهلة الأولى، ولكن من تدبر في الآيات النازلة في حق علي عليه السلام، ولمس فضله في القرآن، وتأمل في كلمات علي في شأن القرآن وخصوصياته، ونظر في قضائه وأحكامه القرآنية.. حين ذاك لا يعتريه الشك والترديد بالتأكيد، إلا من ران على قلبه، فلا يستطيع أن يفقه القرآن، ولا يدرك معانيه. قال الأمير أبو فراس الحمداني المولود 320هـ-321هـ والمتوفي 357هـ: أقروا من القرآن ما في فضله وتأملوه وأفهموا فحواه لو لم تنزل فيه إلا هل أتى من دون كل منزل لكفاه من كان أول من حوى القرآن من لفظ النبي ونطقه وتلاه
المواضيع الأخيرة
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
المواضيع الأكثر نشاطاً
المواضيع الأكثر شعبية
يمنع النسخ هنا
مواضيع مماثلة
2 مشترك
في رحاب أمير المؤمنين عليه السلام بمناسبة ميلاده
أخوان الصفا- رقم العضوية : 30
الجنس :
العمر : 50
المساهمات : 422
نقاط : 1049
تاريخ التسجيل : 26/01/2010
التقييم : 9
العمل : تاجر
- مساهمة رقم 1
في رحاب أمير المؤمنين عليه السلام بمناسبة ميلاده
تابع سنان- رقم العضوية : 125
الجنس :
العمر : 61
المساهمات : 28
نقاط : 54
تاريخ التسجيل : 02/08/2010
التقييم : 0
العمل : تاجر
- مساهمة رقم 2
رد: في رحاب أمير المؤمنين عليه السلام بمناسبة ميلاده
بارك الله فيك يا اخ اخوان الصفا على هذه المشاركات القيمة
الخميس يونيو 14, 2018 10:21 pm من طرف Jaber
» (العالم والمتعلم)
الخميس يونيو 14, 2018 10:17 pm من طرف Jaber
» (الستر على المؤمن)
الخميس يونيو 14, 2018 10:14 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:11 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:09 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:06 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:04 pm من طرف Jaber
» قبسات من أنوار الإمام المعز لدين الله عليه السلام
الخميس يونيو 14, 2018 9:33 pm من طرف Jaber
» أفيقوا ياأخوة المعنى ولا تكونوا نظراء في التراكيب
الإثنين مارس 26, 2018 8:03 pm من طرف أبابيل
» طلب معلومات عن حجج الله
الإثنين أكتوبر 23, 2017 10:42 pm من طرف أبابيل
» التلاعب بالترددات
الخميس أبريل 27, 2017 8:22 pm من طرف العتيق
» عرفوني على مذهبكم لعلي أكون منكم ومعكم
الإثنين مارس 20, 2017 2:48 pm من طرف zain.abdalkader