( المثنوي )
من إفاضات مولانا جلال الدين الرومي
كيف جاء ضيف لزيارة يوسف عليه السلام
وكيف طلب منه يوسف تحفة وهدية
إن صديقاً محباً أقبل من آفاق الأرض ، ونزل ضيفاً على يوسف الصدّيق .
لقد كانا صاحبين في عهد الطفولة ، وكانا معاً متكئين على وسادة المودة .
وذكّر هذا الصديق يوسف بجور إخوته وحسدهم ، فقال يوسف : لقد كان هذا قيداً وكنت أسداً .
ولا عار على الأسد من القيد ، ولا شكوى من قضاء الحق .
ومهما كبّلت عنق الأسد بالقيود ، فإنه يظل أميراً على كلّ من صنعوا هذه القيود .
فقال الصديق : وكيف كان حالك في السجن وفي البئر ؟ فقال يوسف كنت كالقمر في المحاق ، أفلا يغدو في العاقبة بدراً على السماء .
وحبات اللؤلؤ لو أنها سحقت ، أفلا تكون نوراً للعين والقلب ( وعوناً ) على بعد النظر .
إن حبة القمح توضع تحت التراب ، فتصنع لها من هذا التراب سنبل .
ومرة أخرى تسحق بالطاحون ، فتزداد قيمتها وتغدو خبزاً يدعم الحياة .
ثم يمضغ الخبز بالأسنان ، فيصير للعاقل عقلاً وروحاً وفهماً !
وهذا الروح لو صار فانياً في العشق يصير بعد الزرع نباتاً يعجب الزراع .
ولا نهاية لهذا الكلام ، فعد بنا لنرى ما كان من حديث لهذا الرجل الطيب مع يوسف .
لقد قص يوسف قصته ثم قال : يا فلان ! ماذا أحضرت لي من الهدايا ؟
إن القادم إلى باب أصدقائه بيد خاوية ، كالذاهب بدون قمح إلى الطاحون .
والله تعالى يقول للناس حين الحشر : أين هديتكم من أجل يوم النشر ؟ لقد جئتمونا فرادى وبدون زاد ، في ذات الصورة التي خلقناكم عليها .
ماذا حملتم في أيديكم من هدايا ليوم النشور ؟
أم أنكم لم تكونوا على أمل في البعث ، فبدا لكم ميعاد هذا اليوم باطلاً .
فهل أنت لجهلك منكر كرم ضيافته ؟ إذن لن تنال من مطبخه سوى التراب والرماد !
وإن لم تكن منكراً ، فكيف تقصد باب هذا الحبيب ، وأنت خاوي اليدين ؟
فاقتصد مما تنفقه في النوم والطعام ، واحمل معك هدية لملاقاته .
كن قليل النوم مثل الذين كانوا قليلاً ما يهجعون ، وكن في الأسحار ممن يستغفرون .
وأقلل من الحركة مثل الجنين ، حتى توهب الحواسّ المبصرة .
فإذا ما خرجت من هذا العالم الشبيه بالرحم ، فإنك تخرج من الأرض إلى رحاب واسعة .
واعلم أنّ الذين قالوا أرض الله واسعة كانوا يشيرون إلى الرحاب التي دخلها الأولياء .
إنّ القلب لا يضيق بتلك الرحاب الفساح ، فهناك لا يصير النخيل المخضر ذابل الغصون .
إنك الآن حامل عبء حواسك ، ولهذا تغدو متعباً مرهقاً منقلب الرأس .
ولما كنت في وقت النوم تسبح محمولاً لا حاملاً ، فإنّ الضنى يزول عنك ، وتغدو خالياً من الألم والعذاب .
واعلم أنّ حال النوم لا يعدو أن يكون تذوقاً بسيطاً أمام حال الأولياء ، حين يحملون إلى عالم الروح .
والأولياء هم أصحاب الكهف ، أيها العنيد ! إنهم في قيام وتقلب ورقود .
والحق يقلبهم ذات اليمين وذات الشمال بدون وعي منهم ولا تكلف في الفعال .
وما ذات اليمين ؟ إنها الفعل الحسن ! وما ذات الشمال ؟ إنها أفعال البدن !
وهذان النوعان من الفعل يصدران عن الأولياء بدون قصد ، كما ينبعث الصدى .
فإذا كان الصدى يسمعك الخير والشر . فإن ذات الجبل لا علم لها بأي منهما .
من إفاضات مولانا جلال الدين الرومي
كيف جاء ضيف لزيارة يوسف عليه السلام
وكيف طلب منه يوسف تحفة وهدية
إن صديقاً محباً أقبل من آفاق الأرض ، ونزل ضيفاً على يوسف الصدّيق .
لقد كانا صاحبين في عهد الطفولة ، وكانا معاً متكئين على وسادة المودة .
وذكّر هذا الصديق يوسف بجور إخوته وحسدهم ، فقال يوسف : لقد كان هذا قيداً وكنت أسداً .
ولا عار على الأسد من القيد ، ولا شكوى من قضاء الحق .
ومهما كبّلت عنق الأسد بالقيود ، فإنه يظل أميراً على كلّ من صنعوا هذه القيود .
فقال الصديق : وكيف كان حالك في السجن وفي البئر ؟ فقال يوسف كنت كالقمر في المحاق ، أفلا يغدو في العاقبة بدراً على السماء .
وحبات اللؤلؤ لو أنها سحقت ، أفلا تكون نوراً للعين والقلب ( وعوناً ) على بعد النظر .
إن حبة القمح توضع تحت التراب ، فتصنع لها من هذا التراب سنبل .
ومرة أخرى تسحق بالطاحون ، فتزداد قيمتها وتغدو خبزاً يدعم الحياة .
ثم يمضغ الخبز بالأسنان ، فيصير للعاقل عقلاً وروحاً وفهماً !
وهذا الروح لو صار فانياً في العشق يصير بعد الزرع نباتاً يعجب الزراع .
ولا نهاية لهذا الكلام ، فعد بنا لنرى ما كان من حديث لهذا الرجل الطيب مع يوسف .
لقد قص يوسف قصته ثم قال : يا فلان ! ماذا أحضرت لي من الهدايا ؟
إن القادم إلى باب أصدقائه بيد خاوية ، كالذاهب بدون قمح إلى الطاحون .
والله تعالى يقول للناس حين الحشر : أين هديتكم من أجل يوم النشر ؟ لقد جئتمونا فرادى وبدون زاد ، في ذات الصورة التي خلقناكم عليها .
ماذا حملتم في أيديكم من هدايا ليوم النشور ؟
أم أنكم لم تكونوا على أمل في البعث ، فبدا لكم ميعاد هذا اليوم باطلاً .
فهل أنت لجهلك منكر كرم ضيافته ؟ إذن لن تنال من مطبخه سوى التراب والرماد !
وإن لم تكن منكراً ، فكيف تقصد باب هذا الحبيب ، وأنت خاوي اليدين ؟
فاقتصد مما تنفقه في النوم والطعام ، واحمل معك هدية لملاقاته .
كن قليل النوم مثل الذين كانوا قليلاً ما يهجعون ، وكن في الأسحار ممن يستغفرون .
وأقلل من الحركة مثل الجنين ، حتى توهب الحواسّ المبصرة .
فإذا ما خرجت من هذا العالم الشبيه بالرحم ، فإنك تخرج من الأرض إلى رحاب واسعة .
واعلم أنّ الذين قالوا أرض الله واسعة كانوا يشيرون إلى الرحاب التي دخلها الأولياء .
إنّ القلب لا يضيق بتلك الرحاب الفساح ، فهناك لا يصير النخيل المخضر ذابل الغصون .
إنك الآن حامل عبء حواسك ، ولهذا تغدو متعباً مرهقاً منقلب الرأس .
ولما كنت في وقت النوم تسبح محمولاً لا حاملاً ، فإنّ الضنى يزول عنك ، وتغدو خالياً من الألم والعذاب .
واعلم أنّ حال النوم لا يعدو أن يكون تذوقاً بسيطاً أمام حال الأولياء ، حين يحملون إلى عالم الروح .
والأولياء هم أصحاب الكهف ، أيها العنيد ! إنهم في قيام وتقلب ورقود .
والحق يقلبهم ذات اليمين وذات الشمال بدون وعي منهم ولا تكلف في الفعال .
وما ذات اليمين ؟ إنها الفعل الحسن ! وما ذات الشمال ؟ إنها أفعال البدن !
وهذان النوعان من الفعل يصدران عن الأولياء بدون قصد ، كما ينبعث الصدى .
فإذا كان الصدى يسمعك الخير والشر . فإن ذات الجبل لا علم لها بأي منهما .
الخميس يونيو 14, 2018 10:21 pm من طرف Jaber
» (العالم والمتعلم)
الخميس يونيو 14, 2018 10:17 pm من طرف Jaber
» (الستر على المؤمن)
الخميس يونيو 14, 2018 10:14 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:11 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:09 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:06 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:04 pm من طرف Jaber
» قبسات من أنوار الإمام المعز لدين الله عليه السلام
الخميس يونيو 14, 2018 9:33 pm من طرف Jaber
» أفيقوا ياأخوة المعنى ولا تكونوا نظراء في التراكيب
الإثنين مارس 26, 2018 8:03 pm من طرف أبابيل
» طلب معلومات عن حجج الله
الإثنين أكتوبر 23, 2017 10:42 pm من طرف أبابيل
» التلاعب بالترددات
الخميس أبريل 27, 2017 8:22 pm من طرف العتيق
» عرفوني على مذهبكم لعلي أكون منكم ومعكم
الإثنين مارس 20, 2017 2:48 pm من طرف zain.abdalkader