فأهلاً بك 
الإمام أحمد الوفي عليه السلام :
وهو تاسع أئمة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو أحمد بن عبدالله بن محمد بن إسماعيلبن جعفرالصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .ولد مولانا الوفي عام 198 للهجرة في مدينة عسكر مكرم ، وانتقل مع أبيهالإمام عبدالله الرضي (ع) إلى سلمية حيث إستقر به المقام وعاش متخفيا بزي التجاربسب اشتداد سطوة العباسيين .
تسلم الإمامة بعد وفاة والده ، وبث الدعاة في الآفاق ، وكان يتنقل إلى مدينة مصياف حيث أسس فيها مركزا علميا ومرصدافلكيا في أعلى قمة جبل المشهد العالي ، حيث شرع دعاته بتأليف الرسائل العلميةالمعروفة برسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء ، والتي أراد من خلالها أن يبين توافق التعاليم الإسلامية مع كل العلوم والمعارف الحقيقية والرد على المأمون العباسي الذي شرع بنشر العلوم اليونانية ليبعد الناس عن الدين الإسلامي ويظهر أن هناك تناقض بين العلم والدين ، فخشي الإمام أحمد الوفي (ع) أن يميل الناس إلى ما زخرف المأمون عن شريعة جده المختار ويزيغوا عن سنته إلى الفجار ، فقام يتأليف الرسائل وهي اثنتان وخمسون رسالة في مختلف صنوف العلم لتكون أول موسوعة علمية إسلامية في التاريخ وأشرف عليها بنفسه ثم وضع هو شخصيا الرسالة الجامعة التي هي تاج رسائل إخوان الصفاء وغايتها ، وأبان فيها الفضائل النبوية ودل على فضل نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعالي شرفه وما خصه الله من المنزلة الرفيعة به ، وجعل ذلك مضمن في رسائله وأوضح براهينه ودلائله ، وأبان المنهج وفتح كل باب من الحكمة مغلق ، وذلك ما يعجزعن الإتيان بمثله كل الخلق ، إلا من اصطفاه الله تعالى من رسله وأمده بوحيه ، أو من كان من شجرة النبوة . وفي ذلك يقول شاعر مصياف الأمير مزيد الحلي قدس سره :
مصياف كانت كهف أحمد منهم ..... مملي الرسائل من هدى القرآن
لتكون مفتاحا لفهم صادق ..... للدين والدنيا مدى الأزمان
وكان الإمامأحمد الوفي (ع) لا يستقر في مكان بل كان ينتقل متخفيا تارة إلى الكوفة والديلم وتارة إلى سلمية وتارة إلى عسكر مكرم ، يظهر تارة بزي التجار ، وأخرى بزي الشيوخ والمرشدين ، يخفي رتبته وفضله فلا يعرفه إلا الأخيار من دعاته وخلصاء شيعته .
وقد تزوج مولانا أحمد (ع) من إمرأة من الأسرة العلوية والدها الأمير علي الهمداني رزق منها ولدا أسماه الحسين (ع) وهو أول أولاده ، ولما بلغ رشده زوجه ابنة عم له ولم يزل يرفعه في المراتب العلمية ويعلمه من علمه الذي تعلمه عن آبائه حتى إذا بلغ سعيه وعرف بأنه أصبح أهلا ليكون خليفته سلم الأمر إليه ونص بالإمامة عليه على مشهد من رجال دعوته .
وتجدر الإشارة إلى أن الإمام أحمد الوفي عليه السلام قام بتأسيس نظام الألفة والإخاء والذي ينص على التوزيع العادل لإنتاج المجتمع وثرواته على كل الأفراد فلا يبقى غني ولا فقير الكل متساو ويأخذ حسب حاجته ..
وتوفي الإمام أحمد عليه السلام في مدينة مصياف ودفن بناءا على طلبه فيأعلى قمة جبل المشهد وذلك سنة 265 للهجرة وما يزال مقامه محجا للزائرين والمحبين .
فهرست الرسائل:
وهي اثنتان وخمسون رسالة في فنون العلم وغرائب الحكم وطرائف الآداب وحقائق المعاني ، عن كلام الخلصاء الصوفية صان الله قدرهم وحرسهم حيث كانوا في البلاد ، وهي مقسومة أربع أقسام :
فمنها رياضية تعليمية ومنها جسمانية طبيعية ومنها نفسانية عقلية ومنها ناموسية إلهية .
وتليها الرسالة الجامعة لما في هذه الرسائل المتقدمة كلها المشتملة على حقائقها بأسرها ، والغرض منها إيضاح حقائق ما أشرنا إليه ونبهنا في هذه الرسائل عليه أشد الإيضاح والبيان ..
جاء في الرسائل :
واعلم يا أخي أيدك الله وإيانا بروح منه ، بأن مثل صاحب هذه الرسائل مع طالبي العلم ومؤثري الحكمة ومن أحب خلاصه واختار نجاته ، كمثل رجل حكيم جواد كريم له بستان خضر نضر بهج مونق معجب طيب الثمرات لذيذ الفاكه عطر الرياحين ، أرجة الأوراد فائحة الأزهار بهية المنظر نزهة المرامي ، مختلفة الأشكال والأصباغ والألوان والمذاق والمشام من بين رطب ويابس وحلو وحامض وفيها من سائر الطيورالمطربة الأصوات الملهية الألحان المستحسنة التغريد تطرد تحت أشجارها أنهار جارية ، وخلال أزهارها وخضرها جداول منسابة ...
فأراد لكرم نفسه وسخاء سجيته أن يدخلها كل مستحق ويتلذذ فيها وبها كل مشرّف عاقل فنادى في الناس أن هلموا وادخلواهذا البستان وكلوا من ثمارها ما اشتهيتم وشموا من رياحينها ما اخترتم ....
فلم يجبه أحد ولم يصدقه الخلق ...
فرأى الحكيم من الرأي أن وقف على باب البستان وأخرج مما فيه تحفا وطرفا ولطفا من كل ثمرة طيبة وفاكهة لذيذة وريحان زكي وورد جني ونور أنيق وجوهر بهي وطائر غرد وشراب عذب ، فكل من مر به عرضها عليه وشهاها إليه وذوقه منها وحياه بها ...
حتى إذا ذاق وشم وفرح به وطرب منه وارتاحإليه واهتز وعلم أنه قد وقف على جميع ما في البستان ومالت نفسه إليه واشتاق إلى دخول البستان وتمناه وفلق إليه ولم يصبر عنه فقال له عند ذلك : إدخل البستان وكل ماشئت وشم ما شئت واختر ما شئت ....
وجاء أيضا :
وبالجملة ينبغي لإخواننا أيدهم الله تعالى أن لا يعادوا علما من العلوم ، أو يهجروا كتابا من الكتب ولا يتعصبوا لمذهب من المذاهب لأن رأينا ومذهبنا يستغرق المذاهب كلها ويجمع العلوم جميعها ...
وقالوا أيضا :
إن علومنا مأخوذة من أربعة كتب :
أحدها الكتب المصنفة على ألسن الحكماء والفلاسفة من الرياضيات والطبيعيات ،
والآخر من الكتب المنزلة التي جاءت بها الأنبياء صلوات الله عليهم مثل التوراة والإنجيل والفرقان وغيرها من صحف الأنبياء المأخوذة معانيها بالوحي من الملائكة وما فيها من الأسرار الخفية ،
والثالث الكتب الطبيعية وهي صور أشكال الموجودات بما هي عليه من تركيب الأفلاك وأقسام البروج وحركات الكواكب ومقادير أجرامها وتصاريف الزمان واستحالة الأركان وفنون الكائنات من المعادن والحيوان والنبات ،
والرابع الكتب الإلهية التي لا يمسها إلا المطهرون التي هي بايدي سفرة كرام بررة وهي جواهر النفوس وجزئياتها وتصاريفها للأجسام وتحريكها لها وتدبيرها إياها وإظهار أفعالها بها ومنها حالا بعد حال .......
وقالوا أيضا :
واعلم يا أخي أن العلم علمان علم الأبدان وعلم الأديان ،فالأنبياء عليهم السلام أطباء النفوس وأولياؤهم وخلفاؤهم ، وهذا مذهب إخوانناالكرام وإليه ندعوا إخواننا الباقين فكن أيها الأخ البار الرحيم معينا لإخوان كومساعدا لهم توفق إن شاء الله ..
************************************************** *****
المصادر
1- رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء\ دار صادر بيروت \
2- الرسالة الجامعة \ تحقيق مصطفى غالب \دار الثقافةبيروت
3- ديوان الميرمزيد الحلي \ مخطوط \
4- تاريخ الدعوة الإسماعيلية \ لعارف تامر \
5- الطائفة الإسماعيلية \ محمد كامل حسين \
» (العالم والمتعلم)
» (الستر على المؤمن)
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
» قبسات من أنوار الإمام المعز لدين الله عليه السلام
» أفيقوا ياأخوة المعنى ولا تكونوا نظراء في التراكيب
» طلب معلومات عن حجج الله
» التلاعب بالترددات
» عرفوني على مذهبكم لعلي أكون منكم ومعكم