في إثبات إن جوهر النفس مغايِر لجوهر البدن
فنقول:المراد بالنفس ما يشير إليه كل احد بقوله (أنا )وقد اختلف أهل العالم في إن المشار إليه في هذا اللفظ هو هذا البدن المشاهد المحسوس أو غيره.
إما الأول فقد ظن أكثر الناس وكثيرً من المتكلمين إن الإنسان هو هذا البدن ,وكل أحد فإنما يشير إليه بقوله (أنا) .
فهذا ظن فاسد لما سنبينه .والقائلون بأنه غير هذا البدن المحسوس اختلفوا : فمنهم من قال انه غير جسم ولا جسماني
بل هو جوهر روحاني فاض على هذا القالب وأحياه , واتخذه آلة في اكتساب المعارف والعلوم حتى يستكمل جوهره بها ويصير عارفاً بربه عالماً بحقائق معلوماته فيستعد بذلك للرجوع إلى حضرته ويصير ملكاً من ملائكته في سعادة لا نهاية لها , وهذا هو مذهب الحكماء الإلهيين والعلماء الربانيين , ووافقهم في ذلك جماعة من أرباب الرياضة وأصحاب المكاشفة ,فأنهم شاهدوا جواهر أنفسهم عند انسلاخهم عن أبدانهم واتصالهم بالأنوار الإلهية .
ولنا في صحة هذا المذهب من حيث البحث والنظر براهين:
البرهان الأول :
تأمل أيها العاقل في انك اليوم في نفسك هو الذي كان موجوداً جميع عمرك حتى انك تتذكر كثيراً مما جرى من
أحوالك, فأنت إذن ثابت مستمر لا شك في ذلك, وبدنك وأجزاؤه ليس ثابتاً مستمراً بل هو ا أبداًفي التحليل
والانتقاص, ولهذا يحتاج الإنسان إلى الغذاء بدل ما تحلل من بدنه, فان البدن حار رطب,
والحار إذا اثر في الرطب تحلل جوهر الرطب حتى فني بكليته كما لو يوقد عليه النار دائماً فأنه يتحلل إلى
إن لايبقى منه شيء ولهذا لو حبس عن الإنسان الغذاء مدة قليله نزل وأنتقص قريبا من ربع بدنه ,
فتعلم نفسك إن في مدة عشرين سنة لم يبق شيء ,من أجزاء بدنك ,وأنت تعلم بقاء ذاتك في هذه المده ,
بل جميع عمرك فذاتك مغايِره لهذا البدن وأجزائه الظاهرة والباطنه ,فهذا برهان عظيم يفتح لنا
باب الغيب فأن جوهر النفس غائب عن الحواس والأوهام فمن تحقق عنده هذا البرهان وتصوره في نفسه
تصوراً حقيقياً فقد أدرك ما غاب عن غيره .
البرهان الثاني:
هو أن الإنسان أذا كان مهتماً في أمر من الأمور فانه يستحضر ذاته حتى أنه يقول أني فعلت كذا
أو فعلت كذا وفي مثل هذه الحالة يكون غافلاً عن جميع أجزاء بدنه والمعلوم بالفعل غير ما هو مغفول عنه ,
فذات الإنسان مغايِره للبدن .
البرهان الثالث :
هو أن الإنسان يقول أدركت الشيء الفلاني ببصري فاشتهيته أو غضبت منه وكذا يقول أخذت
بيدي ومشيت برجلي وتكلمت بلساني , وسمعت بإذني وتفكرت في كذا وتوهمته وتخيلته
فنحن نعلم بالضرورة إن في الإنسان شيئاً جامعا يجمع هذه الأدراكات ويجمع هذه الأفعال ونعلم
أيضاً بالضرورة أنه ليس شيءمن أجزاء هذا البدن مجمعاً لهذه الأدراكات والأفعال فأنه لايبصر
بالأذن ولا يسمع بالبصر ولا يمشي باليد ولا يأخذ بالرجل ففيه شيء مجمع لجميع الأدراكات
والأفاعيل (الإلهية ) فإذن الإنسان الذي يشير إلى نفسه (بأنا) مغايِر لجملة أجزاء البدن فهو شيء وراء البدن
ثم نقول أن هذا الشيء الذي انه هوية الإنسان ومغايِر لهذه الجثة لايمكن إن يكون جسماً ولا جسمانياً
لأنه لو كان كذلك لكان أيضاً منحلاً سيالاً قابلاً للكون والفساد بمنزلة هذا البدن فلم يكن باقياً من أول
عمره إلى أخره فهو إذن جوهر فرد روحاني بل هو نور فائض على هذا القالب المحسوس بسبب
استعداده وهو المزاج الإنساني والى هذا المعنى أشير في الكتاب الإلهي بقوله (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فا لتسويه هو جعل البدن بالمزاج ألأنسي مستعداً لأن تتعلق
به النفس الناطقة وقوله (من روحي ) إضافة لها إلى نفسه لكونها جوهراً روحانياً غير جسم ولاجسماني
فهذا ما أردنا إن نذكره في هذا الفصل.
فنقول:المراد بالنفس ما يشير إليه كل احد بقوله (أنا )وقد اختلف أهل العالم في إن المشار إليه في هذا اللفظ هو هذا البدن المشاهد المحسوس أو غيره.
إما الأول فقد ظن أكثر الناس وكثيرً من المتكلمين إن الإنسان هو هذا البدن ,وكل أحد فإنما يشير إليه بقوله (أنا) .
فهذا ظن فاسد لما سنبينه .والقائلون بأنه غير هذا البدن المحسوس اختلفوا : فمنهم من قال انه غير جسم ولا جسماني
بل هو جوهر روحاني فاض على هذا القالب وأحياه , واتخذه آلة في اكتساب المعارف والعلوم حتى يستكمل جوهره بها ويصير عارفاً بربه عالماً بحقائق معلوماته فيستعد بذلك للرجوع إلى حضرته ويصير ملكاً من ملائكته في سعادة لا نهاية لها , وهذا هو مذهب الحكماء الإلهيين والعلماء الربانيين , ووافقهم في ذلك جماعة من أرباب الرياضة وأصحاب المكاشفة ,فأنهم شاهدوا جواهر أنفسهم عند انسلاخهم عن أبدانهم واتصالهم بالأنوار الإلهية .
ولنا في صحة هذا المذهب من حيث البحث والنظر براهين:
البرهان الأول :
تأمل أيها العاقل في انك اليوم في نفسك هو الذي كان موجوداً جميع عمرك حتى انك تتذكر كثيراً مما جرى من
أحوالك, فأنت إذن ثابت مستمر لا شك في ذلك, وبدنك وأجزاؤه ليس ثابتاً مستمراً بل هو ا أبداًفي التحليل
والانتقاص, ولهذا يحتاج الإنسان إلى الغذاء بدل ما تحلل من بدنه, فان البدن حار رطب,
والحار إذا اثر في الرطب تحلل جوهر الرطب حتى فني بكليته كما لو يوقد عليه النار دائماً فأنه يتحلل إلى
إن لايبقى منه شيء ولهذا لو حبس عن الإنسان الغذاء مدة قليله نزل وأنتقص قريبا من ربع بدنه ,
فتعلم نفسك إن في مدة عشرين سنة لم يبق شيء ,من أجزاء بدنك ,وأنت تعلم بقاء ذاتك في هذه المده ,
بل جميع عمرك فذاتك مغايِره لهذا البدن وأجزائه الظاهرة والباطنه ,فهذا برهان عظيم يفتح لنا
باب الغيب فأن جوهر النفس غائب عن الحواس والأوهام فمن تحقق عنده هذا البرهان وتصوره في نفسه
تصوراً حقيقياً فقد أدرك ما غاب عن غيره .
البرهان الثاني:
هو أن الإنسان أذا كان مهتماً في أمر من الأمور فانه يستحضر ذاته حتى أنه يقول أني فعلت كذا
أو فعلت كذا وفي مثل هذه الحالة يكون غافلاً عن جميع أجزاء بدنه والمعلوم بالفعل غير ما هو مغفول عنه ,
فذات الإنسان مغايِره للبدن .
البرهان الثالث :
هو أن الإنسان يقول أدركت الشيء الفلاني ببصري فاشتهيته أو غضبت منه وكذا يقول أخذت
بيدي ومشيت برجلي وتكلمت بلساني , وسمعت بإذني وتفكرت في كذا وتوهمته وتخيلته
فنحن نعلم بالضرورة إن في الإنسان شيئاً جامعا يجمع هذه الأدراكات ويجمع هذه الأفعال ونعلم
أيضاً بالضرورة أنه ليس شيءمن أجزاء هذا البدن مجمعاً لهذه الأدراكات والأفعال فأنه لايبصر
بالأذن ولا يسمع بالبصر ولا يمشي باليد ولا يأخذ بالرجل ففيه شيء مجمع لجميع الأدراكات
والأفاعيل (الإلهية ) فإذن الإنسان الذي يشير إلى نفسه (بأنا) مغايِر لجملة أجزاء البدن فهو شيء وراء البدن
ثم نقول أن هذا الشيء الذي انه هوية الإنسان ومغايِر لهذه الجثة لايمكن إن يكون جسماً ولا جسمانياً
لأنه لو كان كذلك لكان أيضاً منحلاً سيالاً قابلاً للكون والفساد بمنزلة هذا البدن فلم يكن باقياً من أول
عمره إلى أخره فهو إذن جوهر فرد روحاني بل هو نور فائض على هذا القالب المحسوس بسبب
استعداده وهو المزاج الإنساني والى هذا المعنى أشير في الكتاب الإلهي بقوله (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فا لتسويه هو جعل البدن بالمزاج ألأنسي مستعداً لأن تتعلق
به النفس الناطقة وقوله (من روحي ) إضافة لها إلى نفسه لكونها جوهراً روحانياً غير جسم ولاجسماني
فهذا ما أردنا إن نذكره في هذا الفصل.
الخميس يونيو 14, 2018 10:21 pm من طرف Jaber
» (العالم والمتعلم)
الخميس يونيو 14, 2018 10:17 pm من طرف Jaber
» (الستر على المؤمن)
الخميس يونيو 14, 2018 10:14 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:11 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:09 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:06 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:04 pm من طرف Jaber
» قبسات من أنوار الإمام المعز لدين الله عليه السلام
الخميس يونيو 14, 2018 9:33 pm من طرف Jaber
» أفيقوا ياأخوة المعنى ولا تكونوا نظراء في التراكيب
الإثنين مارس 26, 2018 8:03 pm من طرف أبابيل
» طلب معلومات عن حجج الله
الإثنين أكتوبر 23, 2017 10:42 pm من طرف أبابيل
» التلاعب بالترددات
الخميس أبريل 27, 2017 8:22 pm من طرف العتيق
» عرفوني على مذهبكم لعلي أكون منكم ومعكم
الإثنين مارس 20, 2017 2:48 pm من طرف zain.abdalkader