يا إله الحب
ساعدنا أن نتذكر أن المسيح لا جسد له على الأرض سوى أجسادنا
و لا يدين له إلا أيدينا
عيوننا هي العيون التي يجب أن يرى بها احتياجات العالم
و أقدامنا هي الأقدام التي بها يجول يصنع خيرا
القدّيسة تيريزا
استهلال
-1-
من جديدٍ ، ارتدى الإيمانُ كفنَه الأبيضَ في جلالٍ مهيبٍ ، بعد أن لفّ حولَ وسطِهِ عبوةً ناسفةً ، ثم صلّى في سكينةٍ وصمتٍ ، خاتماً صلاته بالدعاءِ والتوسّلِ ، مطلقاً العنان لدموعه تناجي اللهَ ، وتخبره أنه يفعلُ ما يفعلُ لأجله ، حبّاً به وقربةً إليه ، ويقدّم أغلى ما يملكُ ، قربانا لديه .
قرأ بعضاً من قِصار السورِ ، ثم في هدوءٍ أغلقَ القرآنَ ، قبّل الغلافَ ورفعه إلى الجبينِ ، كعادته ، ثم ودّعه بنظرةٍ حانيةٍ أخيرة ، واندفع نحو غايتِه المشرِّفة .
لم يعد بينه وبين النهاية سوى لحظاتٍ ، دقّّاتُ قلبه تتسارعُ وتعلو ما عاد لها ضابطٌ وهيهاتَ يقدرُ أن يسيطرَ عليها ، والخوفُ ماردٌ يثورُ على قمقمِ وصايته ، معلناً عن وجوده بارتعاشِ الأطرافِ واصفرار اللون . للموت رهبةٌ ، وللمجهول عتمةٌ ، لكن التراجعَ فكرةَ ساذجة ومستحيلة .
تتابعت الصور سريعاً أمام ناظريه ، سنواتُ حياته المعدودة ، أهله والأقارب ، فتيةٌ في مثل سنّه ، يتأهبون لملاقاة الله كحاله اليوم ويغبطونه على سبقه لهم ، شيوخٌ كانوا له دوماً القدوةَ والمثل المحتذى .
ثم تجمّد فكرُه تماماً ، توقّف عند صورةٍ واحدةٍ لم يعد يرى سواها ، صورةُ الحبيبِ المصطفى ، رسولِ الله ، باسطاً ذراعيه ، يستقبله عند بابِ الجنان ، واهباً إياه الحور الحسان . هكذا وعده المعلّمُ ، فآمن بوعده وصدّقه .
وكيف لا يصدّق من تربّى على يديه ونهل من معينه ، ولم يعرفْ مشرباً له سوى من نبع مائه . ثمّ إن غاية مناه أن يردّ بطاعته وامتثاله لأمره فضله عليه .
كم حضّهم على الجهاد في سبيل الله ، وكم حثّهم على الموت فداءً لدينه الذي عبثتْ به الفرقُ والشيعُ ، وما استشهاده اليومَ إلا ليعودَ الأمر إلى ما كان عليه زمن الرسول ويكون الدينُ كلّه لله .
وكم زرع في نفوسهم الثبات والقوة وهو يردّد من حين لآخر :
“خذوها عني وليروها الأبُ للولدِ ، أنه ما من أمرٍ أشدّ رعباً للكفّار أعداء الله ، كمرأى مؤمنٍ يفجّر نفسه ، مضحياً بحياته ، مقابل أن يقتلَ ولو واحداً منهم”
“ولأن الساكتَ عن الحقّ شيطانٌ أخرسٌ ، ولأننا إذا تهاونّا في دين الله ، لم يلقَ من يحميه أو ينصرُه و يزودُ عنه ، سنقلقلُ مضاجَعهم ونبثّ الهلعَ بينهم كالوباء ، لا يستطيعون له دفعاً ، طالما لا يعرفون من أين يأتيهم الموتُ المباغتُ ، وعلى يدِ من تكون النهاية”.
سنبيد الدخلاءَ على الدين ، أبالسةَ الإسلام وشياطينَه ، مروجي الفتنة وأهلَ البدع ، ما دام فينا حيٌّ يُرزق ، وما دام فينا عرقٌ ينبض . ولن ندعهم ينخرون كالسّوس قواعد الإسلام وأسسَه الراسخة ، لأنها ستكون القاصمة القاضية التي لن تقوم للإسلام قائمةً بعدها ، إن تركناهم يفعلون”
إنه موعدُ الانصراف ، والتعليماتُ دقيقةٌ وواضحةٌ ، تنصّ على أن يضغط َعلى العبوة لتنفجرَ لحظةَ تدفّقِ الأطفال من باب المدرسة ، وقد طمأنه ربّه ووليّ أمره أن ولادة روحه ستكون بلا ألم ، وسريعاً سيتحوّل الجّسدُ المنذورُ إلى أشلاءٍ ، لتبعثَ من جديدٍ يومَ الحشرِ والنشورِ .
سيُخلّد كشهيدٍ في سفرِ الشهداء الأحياء ، لأنه اختارَ أن يخلّص الأمة من بذور الشرّ .
بذورٌ صغيرةٌ لو تركتْ تنمو وتكبر ، لعاثتْ في الأرض فسادا وتخريباً .
فليدع العواطف والمشاعر جانباً ، إذ لا مكان لها في هذا المقام ، ويكفيه لإقصائها أن يتصور كلّ طفل منهم رجلاً كافراً أو امرأةً فاسدة في مستقبل قريب .
“الله أكبر” .. صيحةٌ أطلقها قبل أن يستحيلَ رماداً وأشلاءً بلا هويّة ، إلا هويته المكتوبة اسماً ونسباً وانتماء دينياً في سجلّ أربابه المصطنع في معسكر الإسلام الصحراوي ، تضيفه إلى قائمة الشهداء والمبشّرين بالجنّة .
سريعاً حدثَ الأمرُ ، كما وعده ربّه المعبودُ ، وسريعاً كانت جثثُ الأطفال تملأ المكانَ ، فيما حقائبهم تتعبثرُ وكلُّ محتوياتها ، الصغيرة كوجوههم ، كأعمارهم ، تفوحُ بعطرِ الفجيعةِ ، وتبوحُ بمأساةِ الإنسان . وتصرخ :
“ويحكم ، أيها الكبار الراشدون !! ألا ترون ما فعله بنا الإيمان ؟؟؟!!!
آه لو تعلمون ، كم تسخر الطفولة من أربابه . أيديهم تمسك بأعناقنا الرقيقة ، وأناملهم تقطر بدمانا ، ونحن نرى من قال : “أفشوا السلام بينكم ” ، وأوصى بتحيّة الإسلام ، والردّ بأحسن منها ، يرقب دامع العينين منفطر القلب ، رسالته ، تشوّه بأيدي من نصبوا أنفسهم نواباً لله ، وأعادوا الجنّة التي زرعها قفراً موحشاً تنعق فيه الغربان والبوم ، وصحراءً أهلها من الأعراب ، ورؤيتهم فيها سراب . وكلّ ذلك تحت لواء آيات الجهاد في الكتاب” .
*******************************
ثناء طه درويش
ساعدنا أن نتذكر أن المسيح لا جسد له على الأرض سوى أجسادنا
و لا يدين له إلا أيدينا
عيوننا هي العيون التي يجب أن يرى بها احتياجات العالم
و أقدامنا هي الأقدام التي بها يجول يصنع خيرا
القدّيسة تيريزا
استهلال
-1-
من جديدٍ ، ارتدى الإيمانُ كفنَه الأبيضَ في جلالٍ مهيبٍ ، بعد أن لفّ حولَ وسطِهِ عبوةً ناسفةً ، ثم صلّى في سكينةٍ وصمتٍ ، خاتماً صلاته بالدعاءِ والتوسّلِ ، مطلقاً العنان لدموعه تناجي اللهَ ، وتخبره أنه يفعلُ ما يفعلُ لأجله ، حبّاً به وقربةً إليه ، ويقدّم أغلى ما يملكُ ، قربانا لديه .
قرأ بعضاً من قِصار السورِ ، ثم في هدوءٍ أغلقَ القرآنَ ، قبّل الغلافَ ورفعه إلى الجبينِ ، كعادته ، ثم ودّعه بنظرةٍ حانيةٍ أخيرة ، واندفع نحو غايتِه المشرِّفة .
لم يعد بينه وبين النهاية سوى لحظاتٍ ، دقّّاتُ قلبه تتسارعُ وتعلو ما عاد لها ضابطٌ وهيهاتَ يقدرُ أن يسيطرَ عليها ، والخوفُ ماردٌ يثورُ على قمقمِ وصايته ، معلناً عن وجوده بارتعاشِ الأطرافِ واصفرار اللون . للموت رهبةٌ ، وللمجهول عتمةٌ ، لكن التراجعَ فكرةَ ساذجة ومستحيلة .
تتابعت الصور سريعاً أمام ناظريه ، سنواتُ حياته المعدودة ، أهله والأقارب ، فتيةٌ في مثل سنّه ، يتأهبون لملاقاة الله كحاله اليوم ويغبطونه على سبقه لهم ، شيوخٌ كانوا له دوماً القدوةَ والمثل المحتذى .
ثم تجمّد فكرُه تماماً ، توقّف عند صورةٍ واحدةٍ لم يعد يرى سواها ، صورةُ الحبيبِ المصطفى ، رسولِ الله ، باسطاً ذراعيه ، يستقبله عند بابِ الجنان ، واهباً إياه الحور الحسان . هكذا وعده المعلّمُ ، فآمن بوعده وصدّقه .
وكيف لا يصدّق من تربّى على يديه ونهل من معينه ، ولم يعرفْ مشرباً له سوى من نبع مائه . ثمّ إن غاية مناه أن يردّ بطاعته وامتثاله لأمره فضله عليه .
كم حضّهم على الجهاد في سبيل الله ، وكم حثّهم على الموت فداءً لدينه الذي عبثتْ به الفرقُ والشيعُ ، وما استشهاده اليومَ إلا ليعودَ الأمر إلى ما كان عليه زمن الرسول ويكون الدينُ كلّه لله .
وكم زرع في نفوسهم الثبات والقوة وهو يردّد من حين لآخر :
“خذوها عني وليروها الأبُ للولدِ ، أنه ما من أمرٍ أشدّ رعباً للكفّار أعداء الله ، كمرأى مؤمنٍ يفجّر نفسه ، مضحياً بحياته ، مقابل أن يقتلَ ولو واحداً منهم”
“ولأن الساكتَ عن الحقّ شيطانٌ أخرسٌ ، ولأننا إذا تهاونّا في دين الله ، لم يلقَ من يحميه أو ينصرُه و يزودُ عنه ، سنقلقلُ مضاجَعهم ونبثّ الهلعَ بينهم كالوباء ، لا يستطيعون له دفعاً ، طالما لا يعرفون من أين يأتيهم الموتُ المباغتُ ، وعلى يدِ من تكون النهاية”.
سنبيد الدخلاءَ على الدين ، أبالسةَ الإسلام وشياطينَه ، مروجي الفتنة وأهلَ البدع ، ما دام فينا حيٌّ يُرزق ، وما دام فينا عرقٌ ينبض . ولن ندعهم ينخرون كالسّوس قواعد الإسلام وأسسَه الراسخة ، لأنها ستكون القاصمة القاضية التي لن تقوم للإسلام قائمةً بعدها ، إن تركناهم يفعلون”
إنه موعدُ الانصراف ، والتعليماتُ دقيقةٌ وواضحةٌ ، تنصّ على أن يضغط َعلى العبوة لتنفجرَ لحظةَ تدفّقِ الأطفال من باب المدرسة ، وقد طمأنه ربّه ووليّ أمره أن ولادة روحه ستكون بلا ألم ، وسريعاً سيتحوّل الجّسدُ المنذورُ إلى أشلاءٍ ، لتبعثَ من جديدٍ يومَ الحشرِ والنشورِ .
سيُخلّد كشهيدٍ في سفرِ الشهداء الأحياء ، لأنه اختارَ أن يخلّص الأمة من بذور الشرّ .
بذورٌ صغيرةٌ لو تركتْ تنمو وتكبر ، لعاثتْ في الأرض فسادا وتخريباً .
فليدع العواطف والمشاعر جانباً ، إذ لا مكان لها في هذا المقام ، ويكفيه لإقصائها أن يتصور كلّ طفل منهم رجلاً كافراً أو امرأةً فاسدة في مستقبل قريب .
“الله أكبر” .. صيحةٌ أطلقها قبل أن يستحيلَ رماداً وأشلاءً بلا هويّة ، إلا هويته المكتوبة اسماً ونسباً وانتماء دينياً في سجلّ أربابه المصطنع في معسكر الإسلام الصحراوي ، تضيفه إلى قائمة الشهداء والمبشّرين بالجنّة .
سريعاً حدثَ الأمرُ ، كما وعده ربّه المعبودُ ، وسريعاً كانت جثثُ الأطفال تملأ المكانَ ، فيما حقائبهم تتعبثرُ وكلُّ محتوياتها ، الصغيرة كوجوههم ، كأعمارهم ، تفوحُ بعطرِ الفجيعةِ ، وتبوحُ بمأساةِ الإنسان . وتصرخ :
“ويحكم ، أيها الكبار الراشدون !! ألا ترون ما فعله بنا الإيمان ؟؟؟!!!
آه لو تعلمون ، كم تسخر الطفولة من أربابه . أيديهم تمسك بأعناقنا الرقيقة ، وأناملهم تقطر بدمانا ، ونحن نرى من قال : “أفشوا السلام بينكم ” ، وأوصى بتحيّة الإسلام ، والردّ بأحسن منها ، يرقب دامع العينين منفطر القلب ، رسالته ، تشوّه بأيدي من نصبوا أنفسهم نواباً لله ، وأعادوا الجنّة التي زرعها قفراً موحشاً تنعق فيه الغربان والبوم ، وصحراءً أهلها من الأعراب ، ورؤيتهم فيها سراب . وكلّ ذلك تحت لواء آيات الجهاد في الكتاب” .
*******************************
ثناء طه درويش
الخميس يونيو 14, 2018 10:21 pm من طرف Jaber
» (العالم والمتعلم)
الخميس يونيو 14, 2018 10:17 pm من طرف Jaber
» (الستر على المؤمن)
الخميس يونيو 14, 2018 10:14 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:11 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:09 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:06 pm من طرف Jaber
» أدعية الأيام للامام المعز لدين الله عليه وآله الصلاة والسلام
الخميس يونيو 14, 2018 10:04 pm من طرف Jaber
» قبسات من أنوار الإمام المعز لدين الله عليه السلام
الخميس يونيو 14, 2018 9:33 pm من طرف Jaber
» أفيقوا ياأخوة المعنى ولا تكونوا نظراء في التراكيب
الإثنين مارس 26, 2018 8:03 pm من طرف أبابيل
» طلب معلومات عن حجج الله
الإثنين أكتوبر 23, 2017 10:42 pm من طرف أبابيل
» التلاعب بالترددات
الخميس أبريل 27, 2017 8:22 pm من طرف العتيق
» عرفوني على مذهبكم لعلي أكون منكم ومعكم
الإثنين مارس 20, 2017 2:48 pm من طرف zain.abdalkader