السهروردي المقتول

إنّه شهاب الدين يحيى بن حبش السهروردي ولد في نيسابور سنة 545هجري و ويقال سنة 550هجرية أمضى حياته في التنقل والأسفار إلى أن حط رحاله في مدينة حلب هناك قام بمناظرات مع فلاسفة وعلماء وفقهاء فأفحمهم بمقدرته العلمية الخارقة ولم يجدوا سبيلا للتغلب عليه ولاسكاته عن الحقّ سوى بالحقد عليه لقد حسدوه على ما آتاه الله من علمه وأضمروا له الشرّ فإتهموه بالكفر والالحاد والزندقة والطعن في الدين الاسلامي وكانت هذه التهم جاهزة لكل مفكر يحاول الرقي ّبالمسلمين وإفهامهم حقيقة الدين واحكامه لقد اجتمعوا على قتله ورفعوا أمره إلى أميرهم الملك الظاهر بن صلاح الدين وأشاروا عليه بقتله فماطلهم فرفعوا أمرهم إلى وليهم وسيدهم صلاح الدين يخبروه بالأمر فبعث إلى ولده (إما قتله أو أو خلعك)ويقال أنه قتل خنقا ويقال أنه قتل بحدّ السيف وكان ذلك سنة 587 هجرية
هكذا يموت العلماء العظماءأصحاب الفكر الصحيح السليم الخالي من دنس الحقد والتعصب
أبدا تحن إليكم الأرواح ووصالكم ريحانها والراح
وقلوب أهل ودادكم تشتاقكم وإلى لذيذ لقائكم ترتاح
وا رحمتا للعاشقين تكلّفوا ستر المحبة والهوى فضّاح
لاذنب للعشاق إن غلب الهوى كتمانهم فنما الغرام فباحوا
سمحوا بأنفسهم وما بخلوا بها لمّا دروا أن السماح رباح
ودعاهم داعي الحقائق دعوة فغدوا بها مستأنسين وراحوا
ركبوا على سنن الوفا ودموعهم بحر وحادي شوقهم ملّاح
صافاهم فصفوا له فقلوبهم في نورها المشكاة والمصباح
ومما كتب السهروردي عن النفس
خلعت هياكلها بجرعاء الحمى وصبت لمغناها القديم تشوقا
وتلفتت نحو الديار فشاقها ربعٌ عفت أطلاله فتمزّقا
وقفت تسائله فردّ جوابها رجعُ الصدى أن لا سبيل إلى اللقا
فكأنّما برقٌ تألق بالحمى ثمّ انطوى فكأنّه ما أبرق
هذا هو السهروردي لقد قتلوه لأنّهم لم يفهموه