اللمدينة العظمى

السِلم والهاويةلا نهاية لهما في الحياة لأن الدرجة الأولى منهما في المهد والأخيرة في القبر .أينما كان المرء إذا يرى كثيرين فوقه وكثيرين تحته وكلما ارتقى درجة في معالم الفوز والفلاح يسمع أصواتا بعيدة تدعوه إلى ما فوقها.وكما في الناس كذلك في المدن فلا يحقّ لمدينة أن تشمخ على أخرى لن حسنات المدينة العظمى قد تكثر في هذه وتقلّ في تلك فالمدينة العظمى هي اللتي لاتتداخل في شؤونها سلطة أجنبية هي اللتي يكون كلّ امرئ فيها تمثالاً للحرية والإخاء وهي اللتي يتعلّم الأولاد فيها الاستقلال وعزّة النفس قبل كلّ العلوم وهي اللتي تكون الصداقة فيها أمرا مقدسا والإخلاص محترما كسرٍّ من الأسرار الإلهيّة
قيل لبعض العرب : من سيّدكم
قالوا : فلان
قيل : بما سادكم
قالوا : احتجنا إلى علمه واستغنى عن دنيانا
وقال سيّد العرب لقومه : إعلموا إني ماسدت عليكم حتّى صرت عبدا لكم أغدق على سائلكم وأصفح عن جاهلكم وأحوط حريمكم وأدفع عن عريمكم فمن فعل مثل فعلي فهو مثلي ومن فعل فوق فعلي فهو فوقي ومن فعل دون فعلي فهو دوني فهل يا ترى يوجد بين المتمدنين اليوم من تجتمع فيه هذه الخلال الشريفة كلّها؟! أفلا يحقّ لمدينة المستقبل أن تفاخر سائر المدن بمثل هذا الأمير؟ وبين العرب من كان أعظم منه ؟دخل ابن العباس على عليّ بن أبي طالب (ع) خارج الكوفة و هو يقطب نعله فقال له : ما قيمة هذا النعل ؟ فقال ابن العباس : لاقيمة له. فقال اه عليّ: لهي أحبّ إليّ من إمرتكم إلّا ان أقيم حقاأوأدفع باطلا
فالمدينة العظمى هي اللتي يكثر فيها مثل هؤلاء الرجال الصالحين العظام